
“ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟” (الحديد: 16)
صرخة من تحت الركام.
هل آن لنا أن نفيق من الغفلة؟.
غزة اليوم لا تحتضر فحسب، بل تُباد أمام أعين العالم، وتُقتلع من جذورها، في مشهدٍ غير مسبوق منذ نكبة 1948. ومع ذلك، لا تزال قطاعات كبيرة من الأمة تكتفي بالمشاهدة، والدعاء من بعيد، وكأن الأمر لا يعنيهم.
لكن الحقيقة المُرّة أن العدو نفسه لم يعد يخفي نواياه، بل يعلنها صراحة في إعلامه، ويُنفذها بدقة في الميدان، في ظل صمت دولي مريب، وتواطؤ أنظمة، وتراخٍ شعبي لا يليق بأمةٍ تعدادها يتجاوز اثنان المليار.
منذ السابع من أكتوبر 2023، والاحتلال الصهيوني يقود حملة إبادة غير مسبوقة في قطاع غزة، تشمل:
تجويعًا ممنهجًا عبر منع الغذاء والماء والدواء (1)
تدميرًا للبنية التحتية بالكامل بما فيها المستشفيات والمدارس والمساجد( 2).
قتلًا جماعيًا للمدنيين بشتى أنواع الأسلحة المحرمة (3).
تطهيرًا عرقيًا ومحاولات تهجير قسري نحو سيناء (4).
وفق تقارير الأمم المتحدة، فإن “غزة أصبحت غير صالحة للحياة”، وتجاوز عدد الشهداء 50 ألفًا، نصفهم أطفال ونساء (5)
وهذه ليست حربًا على “حماس” كما يزعم الإعلام الغربي والعربي الرسمي، بل هي معركة وجودية للقضاء على أي كيان فلسطيني مقاوم.
ما يحدث في غزة ليس حدثًا منعزلًا، بل حلقة أخيرة في مخطط معلن منذ عقود:
خطة “ينون” (1982) التي دعت لتفكيك الدول العربية الكبرى (مصر، العراق، سوريا) (6) .
وثيقة “A Clean Break” (1996) التي صاغها اللوبي الصهيوني لتغيير الأنظمة المعادية لإسرائيل (7)
“صفقة القرن” التي تقضي بإزالة القضية الفلسطينية من الجغرافيا والسياسة (8) .
واليوم، يتحرك الاحتلال لتنفيذ الخطوات التالية:
- تهجير من تبقى من سكان غزة إلى سيناء.
- توسيع الاحتلال الكامل للضفة الغربية.
- دفع الأردن إلى توطين فلسطينيي الضفة.
- تفريغ لبنان وسوريا من المقاومة.
- الوصول إلى مرحلة التهديد المباشر لتركيا عبر الحزام الجنوبي.
“هل ما زال أحد يجهل العدو؟”
أمريكا لم تعد مجرد حليف للاحتلال، بل هي قائد الحرب المباشر.
الصهيونية المسيحية لم تعد أيديولوجيا غامضة، بل تحكم قرارات البيت الأبيض والبنتاغون والكونغرس(9) .
بعض الأنظمة العربية تشارك بالضغط والتجويع والتضليل الإعلامي والتواطؤ الأمني.
فهل ما زال بيننا من لا يعرف العدو؟
“أيها المسلمون… أفيقوا قبل أن يأتي الدور عليكم”
“وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ”(الأنفال: 72).
إذا سقطت غزة اليوم، فإن:
مصر ستكون على موعد مع اضطرابات سيناء والضغط الدولي والابتزاز السياسي.
الأردن سيغرق بموجات تهجير، وربما تفقد سيادتها السياسية تدريجيًا.
لبنان وسوريا ستفقدان أي قدرة على الصمود.
تركيا ستجد حدودها الجنوبية مفتوحة على مشروع صهيوني مباشر.
إن المشروع يقترب، والسكون جريمة. فما العمل؟، هل نكتفي بالدعاء والبيانات؟”
لا، لم يعد هذا كافيًا. فكما قال النبي صلى الله عيه وسلم:
“من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”
(رواه الحاكم وصححه الذهبي).
“الواجب الشرعي والواقعي”
- النصرة بالمال والجهد والموقف.
- دعم المقاومة ميدانيًا وإعلاميًا وسياسيًا.
- مقاطعة التطبيع والمطبعين.
- فضح المخطط الصهيوني عالميًا بكل لغات الأرض.
- تحريك الشعوب الإسلامية في مظاهرات واحتجاجات وفعاليات تصعيدية.
- الضغط على الأنظمة عبر البرلمان والإعلام والنقابات.
- تأسيس جبهة وعي شعبي دائم لدعم فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني المسيحي.
ان الموتة واحدة… فلتكن موتة عزة وكرامة.. “ومن يُقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا” (النساء: 74).
نحن أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما أن نُذعن لعدو يفرض سيادته علينا وعلى أطفالنا.. أو نموت بعزة وكرامة، ونحيا على وعد الله بالنصر والتمكين.. وما قاله الله عن الرمي في بدر، يقوله لكل من يقاوم اليوم:
“وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى” (الأنفال: 17).
ختامًا: اللهم هل بلّغت؟ اللهم فاشهد.. يا أمة المليارين عودوا إلى ربكم، فإن وعد الله مشروط بالعمل والعودة إلى المنهج.
لا تنفعكم أعيادكم ولا صلواتكم إن لم تنصروا المظلوم، وتقفوا مع المجاهد، وتردّوا العدوان.
فقط ادعموا الفئة القليلة التي آمنت، فـ:”كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله” (البقرة: 249).
والله ناصرهم، إن كنتم معهم.
🔖 المصادر:
- تقرير منظمة “أوكسفام”: Oxfam Gaza Hunger Report, 2024
- منظمة الصحة العالمية: تدمير 80% من مستشفيات غزة – 2024.
- الأمم المتحدة: تقارير موثقة حول استخدام الفسفور الأبيض والقنابل الارتجاجية.
- تقارير قناة الجزيرة – ملف “غزة: أرض التهجير القادم”، 2025.
- وكالة الأونروا – تقرير أبريل 2025: “النكبة المتجددة في غزة”.
- خطة “ينون” 1982 – وثيقة منشورة بمجلة Kivunim الإسرائيلية.
- وثيقة “A Clean Break” – معهد دراسات الشرق الأدنى، 1996.
- خطة ترامب “صفقة القرن” – البيت الأبيض، يناير 2020.
- كتاب “The Power of Israel in the United States” – James Petras.