ملفات وتقارير

الصحفي الشهيد أنس الشريف.. صوت غزة الذي أسكته قصف الاحتلال داخل خيمته

استشهد مراسل الجزيرة أنس الشريف الشاب الصحفي المجاهد، الذي لم يحمل سلاحا أو مدفعا للذب عن أهله وأرضه، بل كانت كل أدواته كاميرا ومايك يفضح بهما جرائم الاحتلال وينقل معاناة الغزاويين تحت نيران القصف والمجاعة، قبل أن يقصف الاحتلال خيمته مع صديقه الذي أبى أن يتركه فماتا معا كما عملا معا.

بعد انتشار خبر الاستشهاد علقت شبكة «10 news» على اغتيال الشهيد أنس الشريف في مقطع فيديو متداول على «تيك توك»، وقالت مراسلة القناة ديبورا باتا: اسرائيل قتلت 5 من موظفي الجزيرة في غارة مستهدفة، من بينهم الصحفي أنس الشريف، زعمًا أن أنس كان رئيس خلية إرهابية تابعة لحماس، في الوقت نفسه منعت الصحفيين الأجانب من التغطية وتجبر الآلاف من الفلسطينين على الإخلاء القسري، لماذا لا تسمح اسرائيل للصحفيين الأجانب بدخول غزة لتقديم تقرير مستقل؟ حتى عندما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي أنه سمح لجيشه بدخول صحفيين فهو من الواضح أن الامر سيظل تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، لمدة 22 شهرًا كان عبء توثيق الحرب على الصحفيين الفلسطينين الذين قتل منهم أكثر من 200 صحفي.

وكتبت صحفية الجارديان البريطانية بعد استشهاد الصحفي أنس الشريف: إسرائيل تعترف بالاعتداء المتعمد على الصحفي المعروف بتغطيته الميدانية في غارة على خيمة خارج مستشفى الشفاء.

وأصافت الصحيفة: قُتل أنس وهو صحافي بارز في قناة الجزيرة، والذي كان قد تلقى تهديدات سابقة من إسرائيل مع أربعة من زملائه في غارة جوية إسرائيلية، ويعتبر أحد أبرز وجوه قناة الجزيرة في غزة، أثناء تواجده داخل خيمة للصحفيين خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة مساء الأحد، الهجوم أدى إلى مقتل 7 أشخاص، بينهم الشريف ومراسل الجزيرة محمد قريقع ومصورو القناة إبراهيم زاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة.

دعاء ورغبة

اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نوراً يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي”، دعاء استقبل به الصحفي الفلسطيني أنس الشريف الموت القادم من جيش الاحتلال، ليكتب فصلاً آخر من بطولات لا يمكن حصرها شهدتها وما زالت أرض غزة منذ أكتوبر 2023.

رسالة الشريف التي كتبها في أبريل الماضي، اختصرت كل شيء، الألم والوجع الفلسطيني، الشجاعة والمقاومة، الصمود أمام جبروت العدوان وظلمه، خذلان العالم لشعب يرفض الخضوع للمحتل، شعب يودع كل يوم مجموعة من أطفاله ونسائه ورجاله الجياع.

في مطلع رسالته قال الشريف: “إن وصلَتكم كلماتي هذه فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي”.

أنس الشريف، الذي اعترفت “إسرائيل” بقتله في استهداف جوي لخيمة تجمّع صحفيين ملاصقة لمجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، مساء الأحد (10 أغسطس 2025)، كان إعلامياً بارزاً يعمل مراسلاً لقناة “الجزيرة”. 

كان الشريف دائماً في موقع الحدث؛ ينقل للعالم جرائم الاحتلال بحق السكان المدنيين أولاً بأول، ممارساً مهنته، لا يحمل سوى لاقط الصوت، ويحمي نفسه بدرع وخوذة مخصصين للإعلاميين.

الإعلامي الشهيد كان يعلم أنه سيقتل، فهو كان مهدداً، ووفق ما يدعي جيش الاحتلال “شغل منصب قائد خلية في حماس، وكان يخطط لعمليات إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل”! لكن الشريف لم يكن له من الهم سوى نقل الصورة الحقيقية لما يدور في وطنه للعالم.

الوصية الأخيرة

يقول في وصيته: “يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة لأكون سنداً وصوتاً لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة “المجدل” لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ”.

مثل سابقيه من سكان غزة الذين كتبوا وصيتهم قبل أن يستشهدوا حيث يعرفون مصيرهم، فليس+ في الوصية توزيع تركة أو مال، ففي غزة الوصية تختلف تماماً، هناك يوصون الآخرين بأحبائهم. 

لذلك كتب الشريف: “أوصيكم بفلسطين، درة تاجِ المسلمين، ونبض قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران”.

وتابع في وصيته: “أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسوراً نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة”. وأوصى بأهله؛ بابنته شام وولده صلاح وزوجته. وختم وصيته قائلاً: “أوصيكم بوالدتي الحبيبة”. 

  • ولد في 3 ديسمبر 1996 في مخيم جباليا شمال القطاع.
  • نشأ وسط بيئة لا تنفصل عن الصراع، حيث عاش طفولته بين أزقة المخيم المكتظة وسقف من الأزمات والحروب المتكررة.
  • تلقى تعليمه في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
  • تخرج في جامعة الأقصى كلية الإعلام – الإذاعة والتلفزيون- عام 2018.
  • عمل متطوعاً في شبكة الشمال الإعلامية، قبل أن ينتقل إلى العمل مراسلاً للجزيرة في غزة.
  • في 23 سبتمبر 2018، أُصيب بشظية عيار ناري في البطن خلال تغطيته مسيرة نظمت شرق تلة أبو صفية شمال شرقي جباليا.
  • مع اشتداد المجاعة في غزة منذ 2024 تمركز أنس في مخيم جباليا ومدينة غزة.
  • كان ينقل في تقاريره مشاهد غير مسبوقة، لأطفال يصرخون جوعاً في الليل، وأمهات يبحثن في الأنقاض عن لقمة، وخيام مدرسية تحولت إلى مأوى لآلاف النازحين وسط البرد والحشرات والأمراض.
  • كان يتسلق أسطح المنازل والمستشفيات بحثاً عن إشارة إنترنت لبث تقاريره. وصف في أحد تقاريره.
  • وثّق استهداف “إسرائيل” لمدارس الأونروا والمستشفيات، والقصف المتكرر والمتعمد على مناطق مكتظة بالمدنيين.
  •  كرمته منظمة العفو الدولية في أستراليا عام 2024 بجائزة “المدافع عن حقوق الإنسان”.
  • جراء تأثير تقاريره على الرأي العام أدرجه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن أهدافه الإعلامية، بتهمة الانتماء إلى حركة “حماس”.
  • في 11 ديسمبر 2023، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزل عائلته ما أدى إلى استشهاد والده.
المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى