مقالات وآراء

إبراهيم باشا… القائد الجبار والفاتح الأعظم في تاريخ مصر الحديث

في لحظة تاريخية من التأمل والاحترام، يسلط سمير جلال الضوء على شخصية فارقة في تاريخ مصر الحديث: إبراهيم باشا، القائد الاستثنائي الذي غير وجه مصر إلى الأبد.

يصف جلال إبراهيم باشا بـ “القائد الجبار والفاتح الأعظم”، مؤكداً على الدور المحوري الذي لعبه في تشكيل مسار التاريخ المصري. كان إبراهيم باشا رجلاً استثنائياً جمع بين مهارات القيادة العسكرية والرؤية السياسية، مما مكنه من إحداث تحولات جذرية في المجتمع المصري خلال القرن التاسع عشر.

يُعد إبراهيم باشا، دفتردار مصر وسر عسكرها، واحدًا من أعظم القادة العسكريين في تاريخ مصر الحديث. وُلد عام 1789م في قولة، إقليم روملي في اليونان، وهو الابن الأكبر لمحمد علي باشا، وكان العضد الأشد والساعد الأقوى لوالده في جميع مشروعاته. عُرف بالشجاعة والبأس في ميادين القتال، وبأنه قائد محنك لا تفوته صغيرة ولا كبيرة من فنون الحرب.

النشأة وبداية المسيرة

استدعاه والده محمد علي من إسطنبول عند توليه حكم مصر، وأسند إليه إدارة مالية البلاد، ثم أرسله إلى الصعيد لإخماد تمرد المماليك والبدو.

وفي 1816م، عُيّن قائدًا للحملة المصرية ضد الوهابيين في الحجاز (1816-1819م)، حيث أظهر سلوكًا حسنًا جذب الأهالي، فأنهى حكمهم وأسر أميرهم الذي أُرسل إلى القاهرة ثم إلى الأستانة، حيث أُعدم هناك. وبفضل انتصاراته، عُيّن واليًا على مكة، ونال محمد علي باشا لقب “خان”، وهو لقب لم يُمنح سوى لحاكم القرم.

الحملات العسكرية الكبرى

قاد إبراهيم باشا الجيش المصري ضد ثورة اليونانيين (1825-1828م)، فانتزع معاقلهم وأخمد ثورتهم، قبل أن تضطره التدخلات الفرنسية للجلاء عن المورة.
وفي 1832م، أرسله والده على رأس جيش قوي لفتح الشام، فاستولى على فلسطين وسوريا وعبر جبال طوروس حتى وصل إلى كوتاهية، وانتصر على الجيوش العثمانية في معركة قونية الحاسمة، وكسب سوريا وأضنة.

وفي 1833م، وقع اتفاق مع الدولة العثمانية يقضي بتوليه حكم سوريا وأضنة، مع بقائه تحت حكم محمد علي. وعندما تجدد القتال عام 1839م، حقق إبراهيم باشا انتصارًا كبيرًا على العثمانيين في معركة نصيبين، إلا أن القوى الأوروبية أكرهته على الانسحاب من جميع فتوحاته.

إنجازات أخرى وحكم مدن الشام

في عام 1839م، سقطت حيفا في يده، وفي 1840م تولى حكم عكا، وكان نفوذه ممتدًا في بلاد الشام حتى اضطر للانسحاب تحت ضغط التحالف الدولي.

صفاته الشخصية

وُصف إبراهيم باشا بأنه سريع الغضب، طيب القلب، عادل في أحكامه، ويتقن الفارسية والعربية والتركية، مع إلمام واسع بتاريخ البلاد الشرقية.

وفاته وتوليه الحكم

في مارس 1848م، تولى حكم مصر بفرمان من الباب العالي بعد مرض والده، لكنه لم يستمر أكثر من سبعة أشهر ونصف، إذ توفي في نوفمبر 1848م عن عمر لم يتجاوز الستين عامًا.

إرثه العسكري

يعتبر إبراهيم باشا من أعظم قادة القرن التاسع عشر، إذ قاد حملات ناجحة في الجزيرة العربية والسودان واليونان وتركيا وسوريا وفلسطين، وترك إرثًا عسكريًا بارزًا في التاريخ المصري والعربي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى