مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: اثنا عشر عامًا على مجزرة رابعة والنهضة.. دمٌ لا يجف ووعيٌ لا يموت

في مثل هذا اليوم قبل اثني عشر عامًا، ارتكبت قوات الانقلاب العسكري في مصر مجزرة هي الأفظع في تاريخها الحديث: مجزرة رابعة العدوية والنهضة، التي راح ضحيتها الآلاف بين شهيد وجريح ومفقود، لمجرد أنهم نادوا بالحرية ورفضوا الانقلاب على أول تجربة ديمقراطية حقيقية شهدتها مصر.


لكن الزمن لم ينجح في محو هذه الدماء من ذاكرة الأمة. بل إن السنوات كشفت أكثر، وأوضحت من الكاسب ومن الخاسر، ومن الثابت ومن الساقط، ومن ظل على العهد، ومن باع الوطن والدين.

أين السيسي الآن؟


بعد 12 عامًا، لا يزال السيسي في موقعه، لكنه فقد كل شيء:
انهارت مصر اقتصاديًا، واستسلمت سياسيًا، وتحولت إلى تابع ذليل للكيان الصهيوني.
فرّط في الأرض والكرامة، وباع السيادة والمقدرات، وقاد البلاد إلى العتمة واليأس والتجويع.
أما رصيده الشعبي فقد تآكل، ولم
يبقَ له إلا القمع والدعم الأجنبي.

أين مصر؟


مصر اليوم فقيرة مُنهكة، بعد أن كانت أملًا للشعوب.
أُغلقت فيها أبواب الحرية، وتحوّلت مؤسسات الدولة إلى أدوات قمع.
ضاعت مكانتها الإقليمية والدولية، وتورطت في سياسات التطبيع والتبعية.

أين العالم الإسلامي؟
لا يزال العالم الإسلامي يعيش حالة من التشتت والانقسام، ولكن:
انتفاضات الشعوب لم تتوقف.
وعي الشباب تصاعد بعد غزة ورابعة وأحداث الأمة.
سقطت الأقنعة عن كثير من الأنظمة الوظيفية.

أين الحركات الإسلامية؟


واجهت قمعًا وتضييقًا وتشويهًا ممنهجًا.
لكنها ما زالت تمثل الأمل الوحيد لمشروع حضاري بديل.
عليها الآن أن تخرج من أسر التنظيم المغلق إلى المشروع المفتوح، ومن الدور الدفاعي إلى الدور الريادي.

أين شباب الصحوة الإسلامية؟
جيلٌ تنوّعت أحواله:
منهم من ضل الطريق، ومنهم من ثبت.
منهم من لجأ إلى السلبية، ومنهم من بدأ يؤسس لمشروع جديد.
الواجب الآن هو: إعادة بناء هذا الجيل بفكر رسالي، وروح مقاومة، ومشروع جامع.

أين الإخوان المسلمون؟
لا تزال الجماعة تدفع ضريبة الريادة.
خسرت السلطة، لكنها كسبت المظلومية والشرعية الأخلاقية.
المطلوب اليوم: مصالحة داخلية، تجديد فكري، إعادة التموضع، والانفتاح على الأمة.

من الكاسب والخاسر؟
الطغاة كسبوا السلطة وخسروا التاريخ.
الشعوب دفعت الثمن لكنها اقتربت من النصر.
التيار الإسلامي تعرض للخذلان، لكنه كشف حقيقة الصراع وبات أقدر على التغيير.

أين فلسطين؟


من رابعة إلى غزة، تَوحَّد الدم العربي المسلم في وجه الطغيان والصهيونية.
صارت غزة رمزًا للمظلومية والبطولة، وأيقظت الشعوب من سباتها.
أما الأنظمة التي باركت المجازر في رابعة، فهي ذاتها التي تُشارك في حصار غزة!

أين الأمة؟
الأمة اليوم أمام مفترق طرق:
إما أن تنهض بوحدة مشروعها.
أو أن تستسلم لمخططات التفكيك والاستعباد.
لكن المؤشرات تقول: أقرب للانفجار الحضاري القادم مما نظن.

ما العمل الآن؟

  1. توثيق المجازر، وإحياء الذاكرة، وتحصينها من التزوير.
  2. بناء وعيٍ شامل يربط بين الحرية والمقاومة، وبين الداخل والخارج.
  3. إعادة صياغة المشروع الإسلامي كبديل حضاري شامل.
  4. تشكيل جبهة شعبية مقاومة تُوحّد طاقات الأمة.
  5. إطلاق مشروع “عودة الإسلام إلى الحياة” كإطار جامع.
  6. التخلي عن الحسابات الصغيرة، والعمل على هدف أكبر من الجميع: نهضة الأمة.

ختاما: “لم تكن رابعة مجرد ميدان، بل كانت اختبارًا لقيمة الإنسان، ومعيارًا للحق في زمن الزيف. وها نحن بعد 12 عامًا، ما زلنا على العهد: لا ننسى… لا نغفر… لا نُساوم… بل نُواصل حتى تُشرق شمس الحرية من جديد”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى