مقالات وآراء

د. محمد عماد صابر يكتب : هل مصر تملك إعلاما ؟؟ أم سيركا وجبلاية قرود!!

تعليقًا على تصريح السيسي وإشادته بالإعلام المصري يمكن القول إن هذا الثناء ليس مفاجئًا؛ فهو يعكس علاقة تبعية متبادلة بين السلطة السياسية في مصر والإعلام الرسمي وشبه الرسمي، الذي تحوّل منذ 2013 إلى أداة رئيسية في تثبيت حكم النظام، وحماية سرديته، وضرب كل منافس أو مشروع بديل، خاصة المشروع الإسلامي والمقاوم.

ولكى تتضح الصورة وينكشف السحر والساحر إليك هذه الحقائق:

أولا؛ القيم التي يرسلها الإعلام المصري في زمن السيسي
رغم أن التصريحات الرسمية تتحدث عن “ترسيخ القيم والثوابت”، إلا أن الواقع يبرز قيمًا أخرى تُزرع في وعي الناس:
1- التطبيع الفكري والوجداني مع الكيان الصهيوني.
تقديم “إسرائيل” كشريك في التنمية والسلام.
إخفاء جرائم الاحتلال أو التخفيف من وقعها، مقابل تضخيم رواية “محاربة الإرهاب”.

2- تمجيد السلطة المطلقة وشيطنة المعارضة.
تصوير النظام باعتباره “المنقذ” من الفوضى.
وصم أي معارض سياسي أو فكري بـ”الإرهابي” أو “الخائن”.

3- تزييف التاريخ الحديث.
إعادة كتابة أحداث ثورة يناير بما يخدم رواية النظام، وإخفاء دور الحركات الثورية أو المقاومة.

4- إضعاف الروح الوطنية الحقيقية.
حصر الوطنية في الولاء لشخص الحاكم لا للدستور أو القيم.
جعل الاستقرار الأمني مبررًا للتنازل عن الحقوق والحريات.

5- إشاعة الانحلال القيمي تحت غطاء الفن والترفيه.
نشر محتوى فني يروّج للعنف، والمخدرات، والإباحية المغلّفة، كجزء من “الذوق العام الجديد”.

ثانيا؛ علاقته بالأجندة الصهيونية.

الإعلام المصري اليوم يخدم بصورة مباشرة استراتيجية الاندماج الإسرائيلي في المنطقة، ويتقاطع مع أجندة صهيونية أمريكية أوسع:
تطبيع العلاقات الثقافية والفنية مع الكيان، من خلال الدراما، والبرامج الحوارية، وإشراك فنانين إسرائيليين أو تبني رواياتهم.
دعم مشروع “السلام الإبراهيمي” عبر خطاب ديني وإعلامي موجه يقلل من مركزية القضية الفلسطينية.
إضعاف روح المقاومة من خلال التشويه المستمر لفصائل المقاومة الإسلامية (خاصة حماس)، وربطها بالإرهاب.
الترويج لخطاب اقتصادي يبرر التعاون مع الاحتلال في الغاز والطاقة والمشاريع الإقليمية.

ثالثا؛ دوره في تزييف الوعي وتضليل الرأي العام.

منذ انقلاب 2013، تم إعادة هندسة الإعلام لخدمة أهداف محددة:
1- احتكار المعلومة
إغلاق أو السيطرة على القنوات المستقلة.
فرض سردية واحدة للأحداث، ومنع أي صوت معارض.

2- التلاعب العاطفي.
استخدام لغة التخويف من الفوضى أو الإرهاب لإسكات المعارضة.
بث قصص درامية أو وطنية مزيفة لحشد التأييد.

3- اغتيال الرموز.
حملات تشويه منظمة ضد العلماء، والدعاة، والنشطاء، والمثقفين المخالفين للنظام.

4- صناعة العدو البديل.
استبدال العدو الصهيوني بالعدو الداخلي: “الإخوان”، أو “المعارضة الإسلامية”، أو “النشطاء الحقوقيون”.

رابعا؛ مقاومة المشروع الإسلامي والمقاوم.

الإعلام المصري الرسمي وشبه الرسمي أصبح جزءًا من الحرب الناعمة على المشروع الإسلامي والمقاومة:
شيطنة الإسلام السياسي وربطه بالإرهاب والعنف، حتى في سياق المقاومة الفلسطينية.
إقصاء الرموز الإسلامية المعتدلة من المشهد العام، وفتح المجال لخطاب ديني مفرغ من روح الجهاد والمقاومة.
الترويج لعلمانية الدولة كحل وحيد للتقدم، في مقابل اتهام الشريعة بالتخلف.
استهداف البيئة الشعبية الحاضنة للمقاومة عبر تجفيف منابع الدعم الشعبي لفلسطين وتشويه المظاهرات المؤيدة لها.

الخلاصة: إشادة السيسي بالإعلام هي في حقيقتها إشادة بولاء الإعلام للنظام وتبعيته، لا بمهنيته أو وطنيته. فالإعلام المصري اليوم يعمل كـ منظومة تابعة للمشروع الصهيوني الأمريكي، تُعيد صياغة وعي المصريين بما يضمن تحييدهم عن أي مشروع إسلامي أو مقاوم، وتحويلهم إلى جمهور سلبي، يقبل التنازل عن الأرض والحقوق مقابل أوهام الأمن والاستقرار.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى