مقالات وآراء

شادي طلعت يكتب : إسرائيل الكبرى قادمة

تم

إنه الحلم الذي امتد من النيل إلى الفرات، وإن بدا اليوم في صورة أجزاء صغيرة من بلاد الشام، وشبه جزيرة سيناء.

تصريحات رئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نتنياهو) مع شبكة i24News يوم 12 أغسطس 2025، حين قال :

  • أنه مرتبط بشكل كبـير جداً برؤية (إسرائيل الكبرى).
  • وأن على كاهله مهمة تاريخية وروحية.

كان لها صدى واسع تجاوز الكلمات إلى عمق التهديدات، حين قال أيضاً : أنه متصل بهذه الرؤية التي تشمل فلسطين، وربما أجزاء من مصر، والأردن، وسوريا، ولبنان.

فكان رد وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي صادر يوم 13 أغسطس 2025، تطالب فيه بتوضيحات رسمية من إسرائيل، مؤكدة أن هذه التصريحات تعد تفجيراً لاستقرار المنطقة، ورفضاً للسلام، وتحدياً صارخاً للسيادة العربية، وأنها تخالف الرؤية الدولية للحل عبر إقامة دولة فلسطينية على أراضي 4 يونيو 1967، عاصمتها القدس الشرقية.

كذلك عبرت جامعة الدول العربية، وقطر، والسعودية، والأردن، وغيرهم، عن الإدانة، ووصفت هذه التصريحات بأنها تهديد للأمن القومي العربي، منها ما جاء يوم 14 أغسطس 2025 في بيان الأمين العام للجامعة.

والحقيقة أن تصريحات (نتنياهو) لا تأتي في فراغ، بل تتراكب عليها إجراءات إسرائيلية عملية، مثل الموافقة التي أصدرها الوزراء الأمنيون والسياسيون (الكابينت) يوم 8 أغسطس 2025 على خطة السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، تتضمن هجوماً برياً محتملاً، وإجلاء مدنيين.

في هذا المشهد، تطرح الأموال والدبلوماسية جانباً، ليظهر الوجه الأيديولوجي الصارم الذي يرى (إسرائيل الكبرى) كحق تاريخي للشعب اليهودي، مستنداً في ذلك إلى رؤى أيديولوجية سابقة لعناصر في التيار اليميني الإسرائيلي، مثل الوزير (بتسليئيل سموتريتش)، الذي أشار في عام 2023 إلى أن مستقبل القدس يتمدد إلى دمشق.

إن حلم (إسرائيل الكبرى) ليس وليد اللحظة، فقد بدأ من زمن (ثيودور هرتزل)، ثم (جابوتينسكي)، حتى وصل إلى (نتنياهو) ورفاقه، المعلنين أنهم في مهمة مقدسة على مر الأجيال.

إن (إسرائيل الكبرى) التي تروج لها القيادة الإسرائيلية، ليست مجرد ورقة عابرة، لأنها تمثل، من منظورهم، حقاً تاريخياً للشعب اليهودي، يتماهى مع رؤية تمتد من النيل إلى الفرات.

وواقع استقطاع أجزاء من الأراضي العربية لدول الجوار لإسرائيل بات محققاً الآن، باستثناء مصر، فكيف سيكون وضعها خلال المرحلة المقبلة ..

إذ ظلت إسرائيل لعقود تسعى لإقامة سلام بمعنى الكلمة مع مصر، يشهد تطبيعاً حقيقياً، لا مجرد تصريحات تمثيلية في شكل دبلوماسية تولى مسؤوليتها أشخاص ليسوا أكثر من مجرد سُعاة بريد.

وإذا ما تأملنا المشهد المصري الحالي وجدنا التالي :

  • أن مصر ليست بدولة ديمقراطية، ويحكمها عسكريون.
  • وحتى المعارضة المصرية الشرعية لا تخرج عن نطاق التيارات اليسارية المعروفة بكرهها لإسرائيل.

فلا معارضة إذاً إلا على هوى النظام الحاكم، والذي يشترط رفع شعارات الكراهية لإسرائيل، فباتت هي الوحيدة المسموح لها بالمشاركة.

ما يجعل الخطأ بارتجالات سياسية، وغياب الديمقراطية، أمراً لا يتناسب بالمرة مع التحديات الصعبة القادمة، خاصة في ظل غضب الأسد الأمريكي على نظام الحكم في مصر، ورضائه التام عن نظام الحكم في إسرائيل.

والآن .. بات الأسد الأمريكي قاب قوسين أو أدنى من الوصول لصيغة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثَم سيلتفت إلى تحقيق (إسرائيل الكبرى).

وفي ظل نظام الحكم المصري الحالي، الذي تغذت في عهده التيارات الداخلية السياسية، والحقوقية، والثقافية، والاجتماعية على الأحقاد.

فقد بات الشأن المصري بكل حياد، يمثل واقعاً داخلياً مشوهاً، حيث أن غياب الديمقراطية قد أفسد المعارضة، وجعلها مختارة، والحقيقية منها، باتت إما في السجون أو المنفى، إنه لأمر على قدر من التحدي لصيغة الدولة.

كم هو مؤلم تلاشي أصوات الملايين من المصريين بلا حرب أو مصاب، في ظل ظروف تثبت أن الحلم الإقليمي يطبق عبر سياسات ممنهجة.

لقد أغلق نظام الحكم في مصر مدارج السياسة الحرة، ومنع الحراك الشعبي، فجعلوا السواعد صمّاء، والصمت مسموعاً.

إن السجون في مصر ليست دور إصلاح وتأهيل للمفكرين، والسياسيين، بل هي علامة على إغلاق الأمل.

ونظام الحكم قد اختزل مصر في زنزانة، بدل أن تكون معقلاً للحرية.وعلى الله قصد السبيل

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى