المحكمة الجنائية الدولية أمام اختبار جديد مع احتمال إصدار مذكرات اعتقال بحق بن غفير وسموتريتش

يتواصل الجدل الدولي حول قدرة المحكمة الجنائية الدولية على محاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، مع تجدد الحديث عن قرب إصدار مذكرات اعتقال بحق وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
تأخر الملاحقة القانونية
الخبير القانوني معتز المسلوخي اعتبر أن الحديث عن مذكرات اعتقال جديدة تأخر كثيرًا، مشيرًا إلى أن المدعي العام الحالي للمحكمة كريم خان وضع منذ البداية الأساس القانوني لملاحقة نحو 49 مسؤولًا إسرائيليًا بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من بينهم بن غفير وسموتريتش.
وأوضح أن استراتيجية خان قامت على التدرج بملاحقة “الرؤوس الكبيرة”، في إشارة إلى إصدار مذكرات التوقيف بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالنت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، معتبرًا أن هذه الخطوة كانت “قنبلة قانونية” أنهت مقولة الإفلات من العقاب.
ضغوط وتهديدات
وأشار المسلوخي إلى أن كريم خان واجه ضغوطًا وتهديدات مباشرة من أطراف إسرائيلية وأمريكية وغربية، وصلت إلى التلويح بالقتل، لكنه واصل عمله دون تراجع، مستذكرًا أن المدعية السابقة فاتو بن سودا تعرضت لضغوط مماثلة من جهاز “الموساد” حين فتحت ملف فلسطين عام 2021.
الأساس القانوني والاتهامات
من جانبه، أوضح الخبير القانوني عماد عواد أن احتمالية إصدار مذكرات اعتقال بحق بن غفير وسموتريتش “قائمة وأقرب للتحقق من أي وقت مضى”، لوجود أساس قانوني واضح في المادتين 7 و8 من نظام روما الأساسي، المتعلقة بجرائم الفصل العنصري والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاستيطان والتهجير القسري.
وأكد عواد أن الاتهامات لا تقتصر على جرائم الحرب فقط، بل تشمل أيضًا المسؤولية عن سياسة الإبادة الجماعية من خلال التجويع والتهجير، وهو ما يمثل أرضية قوية للملاحقة.
الدور الأوروبي والدولي
وأشار عواد إلى أن بعض الدول الأوروبية منعت بالفعل دخول بن غفير وسموتريتش إلى أراضيها، ما يعكس تحولًا في المواقف الدولية. وأضاف أن المؤتمر الدولي الأخير الذي قادته فرنسا والسعودية في الأمم المتحدة، والتحركات المنتظرة بخصوص الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، قد تمنح المحكمة دفعة إضافية.
اختبار استقلال المحكمة
ويرى المراقبون أن المحكمة الجنائية الدولية تقف أمام اختبار جديد بعد إصدارها مذكرات بحق نتنياهو وغالنت، لتثبت استقلالها وقدرتها على مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
وشدد عواد على أن 124 دولة موقعة على نظام روما الأساسي تتحمل مسؤولية حماية قضاة المحكمة من التهديدات، داعيًا إلى إحالة ملف الضغوط إلى مجلس الأمن والجمعية العامة ضمن إطار “الاتحاد من أجل السلام”.
لحظة فارقة
وبين ضغوط التهديدات السياسية والرهان على استقلال القضاء الدولي، تبقى المحكمة أمام لحظة حاسمة: فإما أن تُصدر مذكرات اعتقال جديدة بحق بن غفير وسموتريتش وتؤكد قدرتها على محاسبة قادة الاحتلال، أو أن تتحول المذكرات إلى أوراق معلّقة بانتظار عدالة مؤجلة.