
في الأسابيع الأخيرة، روّجت الحكومة لانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه باعتباره “إنجازًا تاريخيًا” و”دليلًا على نجاح الإصلاحات”، حيث تحرك السعر من 51 إلى 48 جنيهًا.
لكن الحقيقة التي يحاول المسؤولون إخفاءها أن هذا الصعود ليس سوى انعكاس لتدفقات استثنائية مؤقتة، بينما يظل الاقتصاد الحقيقي غارقًا في أزماته البنيوية.
أموال من الخارج.. لا من الداخل
القفزة الأخيرة في الجنيه لم تأتِ من زيادة الصادرات أو تحسن الإنتاج، بل من تدفقات خارجية: قرض جديد من صندوق النقد الدولي، حزم تمويل أوروبية، وصفقة استثنائية مع الإمارات في رأس الحكمة.
بمعنى آخر: ما حدث ليس قوة للجنيه، بل جرعة دولارات خارجية مؤقتة.
أزمات مؤجلة لا محلولة
ورغم تلميع الصورة، يواجه الاقتصاد مشكلات عميقة:
- إيرادات قناة السويس تراجعت بأكثر من 60% بفعل أزمة البحر الأحمر.
- العجز التجاري لا يزال يلتهم أكثر من 28 مليار دولار سنويًا.
- الديون الخارجية تضاعفت لتتجاوز 155 مليار دولار، ما يجعل أي تحسن هشًّا أمام مواعيد السداد.
أموال ساخنة.. لا استثمارات إنتاجية
ما يُسمى بجذب “استثمارات” هو في حقيقته أموال ساخنة تبحث عن فوائد مرتفعة تصل إلى 25%، قد تخرج في أي لحظة وتعيد الدولار إلى الصعود.
أين الاستثمارات الصناعية والزراعية؟ أين الإصلاحات الهيكلية؟ الأسئلة غائبة والإجابات غائبة، والجنيه يبقى رهينة قرارات مستثمرين أجانب لا ينتظرون سوى الفائدة والربح السريع.
إلى أين؟
قد يبقى الدولار في نطاق 48 – 52 جنيهًا فترة قصيرة، طالما أن الدولارات تتدفق من الخارج.
لكن مع أول صدمة –سواء خروج أموال ساخنة، أو استمرار أزمة قناة السويس، أو أي تأخر في المنح والودائع– فإن السوق سيعود إلى حقيقته، ويكتشف المواطن أن ما جرى كان مجرد فاصل قصير من الوهم الاقتصادي.