حرائق الغابات شمال المغرب… بين العوامل الطبيعية والأنشطة البشرية

رغم إطلاق السلطات المغربية خطة مبكرة لمكافحة حرائق الغابات منذ منتصف مايو/ أيار الماضي، فإن شمال البلاد شهد معدلات مرتفعة من الحرائق خلال شهري يوليو وأغسطس، خاصة في محيط مدينتي شفشاون وتطوان، بالتزامن مع موجة حرارة استثنائية وجفاف طويل الأمد.
وفي مايو الماضي، أعلنت الحكومة تخصيص نحو 17 مليون دولار لتعزيز جهود مكافحة الحرائق، لكن التقارير تشير إلى أن شمال المملكة ما يزال يسجل أكبر عدد من الحرائق مقارنة ببقية المناطق.
أسباب كثرة الحرائق في الشمال
قال المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، عبد الرحيم هومي، إن تسجيل شمال المغرب لمعدل حرائق أكبر يرجع إلى كثافة الغابات والغطاء النباتي، إلى جانب الكثافة السكانية.
وأوضح هومي أن صعوبات التضاريس وسرعة الرياح تزيد من تعقيد مهام فرق الإطفاء الميدانية. وأضاف أن حرائق الدردارة بضواحي شفشاون، التي اندلعت بين 12 و14 أغسطس، أتت على نحو 500 هكتار من الغابات، مشيرا إلى أنها تعد من أكبر الحرائق المسجلة في المملكة خلال عام 2025.
رأي الخبراء البيئيين
من جانبه، أكد الخبير البيئي مصطفى بنرامل أن “الشرارة الأولى” للحرائق غالبا ما تكون بشرية المنشأ، حيث تقدر نسبة الحرائق المرتبطة بالأنشطة البشرية بنحو 99 بالمئة، سواء بسبب الإهمال أو السلوك غير المسؤول مثل إشعال النار في أماكن التنزه أو رمي أعقاب السجائر، أو نتيجة حرق النفايات وبقايا المحاصيل الزراعية قرب الغابات.
وأضاف أن بعض الحرائق تندلع عمدا بهدف استغلال الأراضي لاحقا في أنشطة زراعية أو عمرانية.
وأوضح بنرامل أن العوامل المناخية مثل الجفاف وارتفاع الحرارة تجعل الغابات أكثر هشاشة وقابلة للاحتراق، في حين أن الرياح الحارة كـ”الشركي” تسهم في تسريع انتشار النيران.
تحديات وصعوبات المواجهة
أبرز بنرامل أن المغرب يعاني من نقص في الموارد البشرية والتقنية المتخصصة في مجال مكافحة الحرائق، داعيا إلى اعتماد تكنولوجيا متقدمة مثل الطائرات بدون طيار، الأقمار الصناعية، والذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الحرائق وتوجيه فرق التدخل.
وأشار إلى أن البلاد لا تتوفر حتى الآن على نظام إنذار جماهيري فوري، ما يحد من سرعة تحذير السكان القاطنين قرب الغابات.
كما شدد على ضرورة تأهيل متطوعين محليين للقيام بدور الإنذار الأولي، وتوسيع فرق الإطفاء عبر برامج تدريب متخصصة.
أرقام رسمية
بحسب الوكالة الوطنية للمياه والغابات، بلغ عدد الحرائق في المغرب خلال عام 2024 نحو 382 حريقا أتت على حوالي 874 هكتارا من الغابات، بانخفاض قدره 82 بالمئة مقارنة بعام 2023.
وتغطي الغابات نحو 12 بالمئة من مساحة المغرب، وهي مساحة مهددة سنويا بحرائق متفاوتة الشدة، تتداخل فيها العوامل الطبيعية مع السلوك البشري، مما يفرض تحديا متزايدا أمام السلطات المحلية.