
كلما قرأت عن منظمات مثل “مانو” في روتردام، التي تعمل بجدٍّ لمساعدة اللاجئين وتقديم الدعم النفسي والتعليمي والمادي دون ضجيج إعلامي فارغ، يتجدد في قلبي سؤال مؤلم:
لماذا لا نجد مثل هذه المنظمات الفعّالة في مصر والعالم العربي؟
حين يكون العمل الإنساني مجرد واجهة
في عالمنا العربي، تكثر المنظمات “الورقية” التي تعلن عن نفسها ببرامج خيالية، لكنك حين تبحث عن أثرها على الأرض، لا تجد سوى حملات إعلانية أو مشاريع موسمية تختفي بعد تصوير “ريبورتاجات” التلفزيون.
الفرق بينها وبين منظمة مثل “مانو” هو الفرق بين العمل الحقيقي والادعاء.
“مانو” تقدم دعمًا قانونيًا مجانيًا بمساعدة محامين متطوعين، بينما تتحول بعض الجمعيات عندنا إلى “مكاتب تسوية” تستغل حاجة الناس بمقابل مادي.
“مانو” تنظم دورات لغة وتأهيل مهني، بينما تُعلن منظمات عربية عن دورات ثم تكتفي بتوزيع “شهادات” دون تعليم حقيقي.
الأقسى من ذلك، أن بعض الجهات ترفع شعارات مساعدة اللاجئين، لكنها في الحقيقة تستخدمهم كورقة سياسية أو مصدر تمويل خارجي.
كيف يمكن أن تكون “مانو” عربية؟
أحلم بمنظمة عربية:
شفافة تُعلن عن مصادر تمويلها وتنفق كل جنيه على المستفيدين، لا على مكاتب و سيارات وحفلات فاخرة .
منظمات مستقلة لا تتبع أجندات حكومات أو أحزاب، بل تعمل فقط لخدمة المحتاجين.
لديهـا أفكار عميقة تقدم حلولًا طويلة المدى (مثل التدريب المهني) بدلًا من الاكتفاء بمساعدات عابرة.
منظمات إنسانية أولًا لا تفرّق بين اي انسان مهما كان تعليمه او ثقافته، ولا تسأل عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية.
التحديات ليست مستحيلة
نعم، البيئة التشريعية في بعض البلدان العربية معقدة، والناس مشغولون بمعيشتهم، لكن التاريخ يثبت أن التغيير يبدأ بأقل الإمكانات:
مبادرات صغيرة مثل “مدرسة على الإنترنت” لتعليم أطفال لا يستطيعون الذهاب الي المدرسه لاسباب مختلفة .
شبكات متطوعين لتوزيع الطعام والملابس المستعملة بكفاءة وليس فقط قطعه وقطعتين للتصوير الاعلامي .
ضغط شعبي على الحكومات لتسهيل عمل المنظمات المستقلة.
والخاتمه ارجو ان نوقف ثقافة “الكلام الفارغ”
حن بحاجة إلى ثورة في مفهوم العمل الخيري، نستبدل فيها الاحتفال بالشكل بـالاحتفال بالأثر. ربما يأتي يومٌ نرى فيه منظمة عربية مثل “مانو”، تُدار بأيدي شباب مؤمنين بأن العطاء ليس مشروعًا ربحياً، ولا وسيلة للشهرة، بل واجبٌ إنساني.
حينها فقط، سنستحق أن نقول: *”والله لا يضيع أجر من أحسن عملا”*