العالم العربيفلسطين

خيبة أمل إسرائيلية من اقتحام بن غفير لزنزانة مروان البرغوثي

أثار وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير عاصفة من الجدل عقب زيارته الاستفزازية لسجن “هداريم”، حيث اقتحم زنزانة القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي، أحد أبرز رموز الحركة الأسيرة الفلسطينية والملقب بـ”مانديلا فلسطين”.

ورغم أن بن غفير أراد من وراء هذه الخطوة إرسال رسالة تشدد وصورة استعراض للقوة، إلا أن نتائجها جاءت عكسية، إذ أثارت انتقادات حادة داخل إسرائيل، واعتُبرت خطوة غير مدروسة تفتقر للحس السياسي والأمني، وقد تزيد من توتر الأوضاع داخل السجون وخارجها.

خطوة استعراضية ذات أهداف انتخابية

وسائل إعلام عبرية أكدت أن الزيارة لم تكن بدافع أمني حقيقي، وإنما بدوافع سياسية محضة، إذ يسعى بن غفير لتعزيز شعبيته داخل الأوساط اليمينية المتشددة. واعتبر محللون إسرائيليون أن ما جرى “عرض مسرحي فاشل” يعكس أزمة شخصية وسياسية يعيشها الوزير، أكثر مما يعكس سياسة حكومية منظمة.

الصحف العبرية تحدثت عن أن ظهور بن غفير أمام الكاميرات وهو يتحدث عن تشديد الإجراءات ضد الأسرى، لم يغير شيئاً من واقع السجون، لكنه منح البرغوثي مزيداً من الرمزية والتعاطف، حتى داخل إسرائيل نفسها حيث يرى بعض المحللين أنه “أكثر جدية ونضجاً” من قادة الصف الأول الفلسطينيين الحاليين.

البرغوثي.. الرمز الذي يخشاه الاحتلال

مروان البرغوثي، المحكوم بالسجن المؤبد خمس مرات منذ عام 2002، يعتبره الفلسطينيون أيقونة للنضال، ويضعونه في مصاف القادة التاريخيين مثل نيلسون مانديلا.

رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على أسره، لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة داخل فلسطين وخارجها. وقد أظهرت استطلاعات رأي سابقة أن البرغوثي لو خاض الانتخابات الفلسطينية، لكان المرشح الأوفر حظاً للفوز بالرئاسة، وهو ما يفسر حساسية أي إجراء إسرائيلي بحقه، ويجعل من كل تصرف تجاهه قضية تتجاوز حدود السجن إلى المجال السياسي الإقليمي والدولي.

تحذيرات أمنية وانتقادات داخلية

داخل إسرائيل، وجّه مسؤولون سابقون في مصلحة السجون وجهاز “الشاباك” انتقادات حادة لبن غفير، معتبرين أن ما فعله قد يفتح أبواب تصعيد لا حاجة له.

نواب في الكنيست أكدوا أن العبث بملف الأسرى الفلسطينيين، وخاصة الرموز منهم مثل البرغوثي، أمر بالغ الخطورة قد يؤدي إلى انفجار داخل المعتقلات، وربما يشعل الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة.

كما أشارت تقارير أمنية إلى أن مثل هذه الاستعراضات لا تضيف أي قيمة على صعيد الردع، بل تُعمّق صورة إسرائيل كدولة تسعى للإذلال بدل إدارة الملف الأمني بعقلانية.

ردود فلسطينية غاضبة

الفصائل الفلسطينية وصفت الزيارة بأنها “استفزاز خسيس” يعكس عقلية استعمارية مهووسة بكسر إرادة الأسرى.

حركة “فتح” التي ينتمي إليها البرغوثي أكدت أن المساس به لن يمر مرور الكرام، فيما شددت “حماس” على أن استهداف الرموز الوطنية إنما يعكس خوف الاحتلال من صمودهم.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت صور بن غفير وهو يقف أمام زنزانة البرغوثي إلى مادة ساخرة وغاضبة في آن واحد، إذ رأى كثيرون أن الوزير “أعطى البرغوثي دعاية مجانية” لم يكن يحتاجها.

أصداء دولية وصورة إسرائيل أمام العالم

لم تتوقف التفاعلات عند حدود الساحة الفلسطينية والإسرائيلية، بل امتدت إلى الخارج. تقارير في الصحافة الأوروبية وصفت المشهد بأنه “سلوك صبياني من وزير في حكومة دولة يفترض أنها ديمقراطية”، في إشارة إلى تناقض إسرائيل الدائم بين ادعاءاتها كدولة قانون، وبين ممارساتها الاستعراضية ضد الأسرى.

كما أشارت مقالات في الإعلام الغربي إلى أن محاولة إذلال البرغوثي أعادت تسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين، التي تحاول إسرائيل تهميشها منذ سنوات، لتعود مجدداً إلى الواجهة الدولية كأحد أبرز ملفات الصراع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى