محمد السادس.. ملك نشأ في ظل الاستبداد وتحت قسوة والده الحسن الثاني

في تقرير مطوّل ضمن سلسلة “لغز محمد السادس”، تناولت صحيفة لوموند الفرنسية جانباً من حياة العاهل المغربي قبل اعتلائه العرش عام 1999، مسلّطة الضوء على علاقته المعقدة بوالده الملك الراحل الحسن الثاني، الذي لم يتردد في إظهار شكوكه بقدرة نجله الأكبر على الحكم.
وتشير الصحيفة إلى أن الحسن الثاني، الذي حكم المغرب بقبضة حديدية منذ 1961 وحتى وفاته في يوليو 1999، كان يعتبر ولي عهده ميالاً للحياة الباذخة والسهرات أكثر من اهتمامه بشؤون الدولة، إلى درجة أنه صرّح يوماً بأنه يخشى أن يكون المغرب “ضحية خطأ كروموسومي”.
منذ طفولته، عاش محمد السادس في قصر الرباط وسط تعليم صارم داخل “الكلية الملكية”، حيث تخرّج معظم أصدقائه الذين أصبحوا لاحقاً أقرب مستشاريه، مثل فؤاد علي الهمة وياسين المنصوري.
غير أن أداؤه الدراسي لم يكن يرضي والده، الذي كان يقارن بينه وبين ابن عمه مولاي هشام المعروف بذكائه وتمرده.
ورغم حصوله على إجازة في الحقوق ودكتوراه في القانون العام من جامعة نيس الفرنسية، ظل ولي العهد بعيداً عن ملفات الدولة الثقيلة، بعدما أبعده والده عن دوائر القرار، مكتفياً بإسناد مهام بروتوكولية وتمثيلية له في الخارج.
تضيف لوموند أن شخصية محمد السادس اتسمت بالخجل والانطواء، لكنه كان يميل في الوقت نفسه إلى حياة اللهو والفن والرياضة.
وقد ورث عن تلك المرحلة لقب “سماجستسكي” (مزج بين “صاحب الجلالة” و”جيت سكي”) بسبب ولعه بالرياضات البحرية والسهرات.
وتطرقت الصحيفة كذلك إلى علاقته المتوترة بوالدته الأميرة للا لطيفة، التي غادرت القصر بعد وفاة الحسن الثاني واستقرت في باريس حيث تزوجت من محمد المديوري، رئيس الأمن الملكي السابق، وهو ما خلّف جفاءً عميقاً بينها وبين ابنها الملك.
كما لفت التقرير إلى أن محمد السادس، الذي اتُّهم طويلاً بالابتعاد عن السياسة والانغماس في حياة البذخ، سعى بعد اعتلائه العرش إلى تقديم صورة مغايرة من خلال إصلاحات محدودة، منها تعديل مدوّنة الأسرة عام 2004، مع احتفاظه في الوقت نفسه بذوقه الفخم وعلاقاته مع مشاهير الفن والرياضة.
وتخلص لوموند إلى أن نشأة الملك المغربي في ظل قسوة والده واحتقاره له، تركت آثاراً واضحة على شخصيته وطريقة حكمه، حيث يطبع رده على خصومه قدر كبير من الحذر والنزعة إلى الانتقام وعدم التسامح مع من يشكك في سلطته.