يوسف محمد يكتب: الانتهاكات ضد النساء في مصر في عهد السيسي.. قمع مضاعف وصمت دولي

تشهد المرأة المصرية منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة عام 2014، موجة متصاعدة من الانتهاكات الممنهجة التي طالت الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، وفق تقارير منظمات دولية وحقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، التي وصفت أوضاع النساء في مصر بأنها “الأصعب منذ عقود”.
قمع ممنهج واستهداف للناشطات
رصدت تقارير حقوقية تعرض عشرات النساء للاعتقال التعسفي أو الملاحقة القانونية بسبب آرائهن أو نشاطهن العام.
وتُتهم السلطات المصرية باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن القومي لتجريم النشاط السلمي، خاصة في القضايا المتعلقة بحقوق المرأة وحرية التعبير.
وفي بعض الحالات، تم احتجاز النساء في أماكن غير معلنة أو منع الزيارات عنهن لفترات طويلة، دون توجيه اتهامات واضحة، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة.
عنف جنسي وسوء معاملة في السجون
تؤكد منظمات حقوقية أن السجون المصرية تشهد ممارسات ممنهجة من الإهانة والعنف الجنسي بحق النساء المحتجزات، سواء السياسيات أو المتهمات في قضايا جنائية.
وتتحدث شهادات ناجيات عن تعذيب نفسي وجسدي، وتحرش، وتهديدات بالاغتصاب خلال التحقيقات، دون أي محاسبة للمسؤولين.
كما تعاني النساء في السجون من إهمال طبي حاد، ونقص في المستلزمات الصحية، وحرمان من الخصوصية والرعاية الطبية، ما أدى إلى تدهور حالة العديد من السجينات، بحسب تقرير صادر عن منظمة IGG-GEO بعنوان “العنف ضد النساء في السجون المصرية”.
التحرش والعنف المجتمعي.. بلا رادع فعلي
رغم تبنّي الدولة قوانين لمكافحة التحرش والعنف ضد المرأة، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه القوانين يظل ضعيفًا.
تشير دراسات محلية إلى أن أكثر من 90% من النساء في مصر تعرضن لشكل من أشكال التحرش في حياتهن، بينما تظل نسبة الإبلاغ عن هذه الحوادث منخفضة بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية وانعدام الثقة في إنفاذ القانون.
قيود على العمل الحقوقي النسوي
تواجه المنظمات النسوية المستقلة قيودًا قانونية وأمنية مشددة، خاصة تلك التي تعمل على رصد الانتهاكات أو تقديم الدعم القانوني للضحايا.
ويُستخدم قانون الجمعيات الأهلية كأداة لتقييد التمويل ومراقبة الأنشطة، ما أدى إلى تجميد عشرات المبادرات النسوية أو اضطرارها للعمل من خارج البلاد.
غياب المساءلة واستمرار الصمت الدولي
تُتهم الحكومة المصرية بتوفير حصانة غير معلنة للأجهزة الأمنية التي تُمارس الانتهاكات ضد النساء.
ففي حالات كثيرة، لا تُفتح تحقيقات في وقائع العنف أو التعذيب، فيما يُمارَس الضغط على الضحايا لسحب البلاغات أو الصمت.
كما يتهم ناشطون المجتمع الدولي بـ الصمت تجاه جرائم النظام المصري بحق النساء، مقابل التعاون الأمني والمصالح الاقتصادية.
دعوات للمحاسبة والعدالة
دعت منظمات دولية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى تحقيق مستقل في الانتهاكات ضد النساء في مصر، والإفراج عن المعتقلات السياسيات، وضمان حماية الناشطات الحقوقيات من الملاحقة.
وأكدت أن احترام حقوق المرأة هو مؤشر أساسي على التزام الدولة بالقانون الدولي، وأن استمرار هذه الانتهاكات “يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب”
.يوسف محمد – كاتب وباحث في الشأن الحقوقي والسياسي