مقالات وآراء

د. تامر المغازي يكتب: إسقاط الديكتاتور 1

الأنظمة الدكتاتورية لا تسقط بالصدفة، ولا تُهزم بمعجزة.

هي أنظمة ممنهجة قائمة على احتكار السلطة والثروة، وتُسقَط فقط بإستراتيجية ثورية واضحة.

لكن المفارقة أن معظم محاولات الإسقاط تفشل، ليس لأن النظام قوي، بل لأن الثورة تكرر أخطاء الطاغية!

كل ديكتاتور في المنطقة يرفع شعارات الحرية والعدالة بينما يمزق كرامة شعبه يومياً.

النظام المصري الحالي هو النموذج الأكثر وضوحاً خطاب عن “الدولة الوطنية” و”الإنجازات”، بينما الفقر يتخطى ٤٠٪، والسجون تعج بمعارضي الرأي.

هذه ليست مفارقة، بل هي آلية قمع شعارات جوفاء تُستخدم لتمديد عمر النظام إلى ما لا نهاية.

التجربة التاريخية أثبتت أن أسوأ ما يمكن أن يحدث للثورة هو أن تقتل الطاغية ثم ترتدي عباءته.

العنف -حتى لو بدا ضرورياً- يتحول إلى لعنة تأكل أبناءها.

الثورة التي تبدأ بالرصاص، تنتهي بإعدامات في الميادين وسجون جديدة لأصحاب الرأي.

هذا ليس تنظيراً، بل هو درس الجزائر وليبيا والعراق.. ودروس أخرى قادمة.

الطريق الوحيد هو ثورة الأخلاق قبل ثورة الشعارات .

المواجهة الحقيقية مع الديكتاتورية لا تكون بهدم السجون فقط، بل بهدم ثقافة الخوف والتبعية في عقول الناس.

ليست المعركة مع “فرد” بل مع نظام فاسد كامل، قائم على الولاءات العسكرية والأمنية ونهب المال العام.

لذلك، الهدف ليس إسقاط “ديكتاتور ” بل إسقاط “نظام ديكتاتوري “.

ليست انتفاضة غضب عابرة، بل خطة طويلة النفس تجمع بين النضال السلمي والعصيان المدني والضغط الدولي.

ويجب رفض منطق “الغاية تبرر الوسيلة” ،فالثورة التي تستخدم تعذيب المعارضين أو تصفية الخصوم تتحول إلى وحش جديد ،و لا يكفي هتاف “ارحل” ، الشعوب تحتاج رؤية واضحة لنظام ما بعد السقوط كيف ستحكم؟

بماذا ستستبدل الأجهزة القمعية؟

كيف ستوزع الثروة؟

لن لا أحد يحررنا إلا نحن فالديكتاتوريات لا تسقط بانتظار المعجزة، ولا بمنشورات على فيسبوك.

تسقط حين يرفض الشعب أن يكون شريكاً في الهزيمة ، حين يعتصم الموظف، ويضرب العامل، ويثور الفقير على بطنه الخاوية، ويرفض الشاب الخنوع.

الحرية لا تُوهب، تُنتزع.

لكن انتبهوا: لا تنتزعوها من طاغية ثم تعطوها لطاغية آخر

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى