أزمة داخلية في الجيش الإسرائيلي: عزوف واسع عن الخدمة وتفاقم الانهيار النفسي

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة متزايدة في حشد قوات الاحتياط، بعد أن توقف كثير منهم عن الخدمة بسبب ما وصفوه بـ”السلوك غير الأخلاقي ضد الفلسطينيين”، إضافة إلى الإنهاك المستمر بعد نحو عامين من القتال المتواصل على جبهات عدة.
انهيار المعنويات وفقدان الثقة في جدوى الحرب
أجرت الصحيفة مقابلات مع أكثر من 30 ضابطاً وجندياً احتياطياً أكدوا أنهم بلغوا “نقطة الانهيار”. وأوضحوا أن القضاء على حركة حماس عبر العمليات العسكرية التقليدية أمر مستحيل في ظل أسلوبها القائم على حرب العصابات.
الجنود تحدثوا عن تساؤلات متزايدة حول جدوى الحرب، في وقت يلجأ بعض قادة الجيش إلى وسائل “غير تقليدية” لحشد المقاتلين، وصلت حد نشر طلبات عبر مجموعات “واتساب” موجهة لطلاب جامعيين للبحث عن مسعفين وقناصة لمهام قتالية تستمر 70 يوماً.
وثيقة داخلية تكشف الفشل العملياتي
من جانبها، ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم أن وثيقة موقّعة من رئيس قسم تدريب القوات البرية أظهرت أن خطة الجيش لإدارة القتال في غزة تفتقر إلى خطوات أساسية لتحقيق الحسم، مثل فرض حصار كامل، عزل حماس عن المدنيين، وقطع طرق الإمداد.
أما هآرتس فنقلت عن مسؤولين عسكريين أن أزمة انعدام الثقة بين القيادة السياسية برئاسة نتنياهو والمؤسسة الأمنية بدأت تتسرب إلى صفوف الجيش، ما يزيد من إرباك القرار العسكري.
تجنيد ضخم رغم المعارضة الداخلية
وبحسب صحيفة معاريف، فإن الجيش يستعد لتجنيد نحو 60 ألف جندي احتياط استعداداً لاحتلال مدينة غزة ضمن عملية “عربات جدعون 2″، رغم التحذيرات الداخلية من الفشل وتكلفة بشرية مرتفعة قد تصل إلى مقتل مئات الجنود.
الاضطرابات النفسية والانتحار: أزمة صامتة
الأزمة لم تتوقف عند حدود الخلافات السياسية والعسكرية، بل تفاقمت إلى اضطرابات نفسية وانتحارات متزايدة في صفوف الجنود.
منذ بداية 2025: انتحر 18 جندياً. عام 2024: انتحر 21 جندياً. يوليو/تموز الماضي وحده: سجلت هآرتس 7 حالات انتحار في شهر واحد.
كما تشير بيانات رسمية إلى أن أكثر من 10 آلاف جندي يتلقون علاجاً من اضطرابات عقلية واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، فيما تم الاعتراف فقط بـ3769 جندياً رسمياً على أنهم مصابون ويخضعون لعلاج متخصص.
تظهر هذه المعطيات أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة متعددة الأبعاد: عزوف جنود الاحتياط، فقدان الثقة بين القيادة السياسية والعسكرية، عجز استراتيجي عن تحقيق الحسم في غزة، وانهيار نفسي واسع في صفوف الجنود.
هذه العوامل مجتمعة تُلقي بظلال ثقيلة على قدرة إسرائيل على مواصلة حربها المفتوحة، وتطرح تساؤلات جوهرية حول استدامة العملية العسكرية على غزة.