أخبار العالمملفات وتقارير

تقرير تحليلي: بين التضليل والفبركة… “فيديو المصافحة” وصورة “الترحيب الصيني” بمودي تثيران جدلا دبلوماسيا

أثناء قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي عُقدت في مدينة تيانجين الصينية، انتشر مقطع فيديو قصير لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وهو يمد يده لمصافحة الرئيس الصيني شي جين بينغ، بينما بدا الأخير وكأنه يتجاهل المصافحة وواصل سيره دون توقف.

المشهد، الذي لا يتجاوز بضع ثوان، أثار عاصفة من التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبره كثيرون “إهانة دبلوماسية متعمدة” ورسالة سياسية صارمة من بكين.

لكن التحقيقات الإعلامية سرعان ما أثبتت أن المقطع مقتطع ومضلل، إذ تبيّن أن الفيديو يعود إلى لقاء سابق بين الزعيمين على هامش قمة البريكس في قازان الروسية عام 2024، حيث تبادلا بالفعل المصافحة أمام عدسات الكاميرات بشكل بروتوكولي طبيعي.

غير أن الاقتصاص المتعمد للحظة قبل المصافحة غذى الرواية التي روّجت على نطاق واسع باعتبارها “إهانة” لمودي.

لم يتوقف الجدل عند هذا الحد. فقد تزامن انتشار الفيديو مع تداول صورة أخرى قيل إنها لعرض ضخم بالطائرات المسيّرة في سماء الصين ترحيباً بزيارة مودي.

الصورة أظهرت مئات الطائرات المضيئة ترسم ملامح وجه مودي مع عبارة ترحيبية بالإنجليزية.

وسرعان ما تبين أن المشهد مفبرك، حيث تعود اللقطة الأصلية إلى عرض ضوئي بطائرات الدرون أقيم في مدينة تشونغتشينغ الصينية في أبريل/نيسان الماضي ضمن فعالية أسبوعية، قبل أن يتم التلاعب بها رقمياً وإضافة صورة مودي.

انتشار هذه المواد المضللة يعكس حجم التنافس السياسي والإعلامي بين الهند والصين، إذ جرى توظيف الفيديو والصورة في حملات متبادلة على منصات التواصل، سواء للسخرية من مودي أو لتأكيد ما يصفه مؤيدوه بـ”مكانته العالمية”.

كما أن التوقيت جاء حساساً، مع زيارة مودي للصين لأول مرة منذ سبع سنوات، بعد تصاعد التوترات التجارية مع واشنطن على خلفية مشتريات نيودلهي من النفط الروسي، في وقت تسعى فيه بكين ونيودلهي لإظهار أجواء من “السلام والاستقرار” على حدودهما المتنازع عليها في الهيمالايا.

في المحصلة، يكشف هذا الجدل كيف يمكن للصور المقتطعة والمفبركة أن تتحول إلى أدوات ضغط سياسي ودبلوماسي، خصوصاً عندما تتعلق بعلاقات شائكة بين قوى كبرى مثل الصين والهند، حيث تُستغل لحظات عابرة أو مشاهد معدلة لإشعال موجات من التفسيرات المتناقضة التي تتجاوز الحقيقة إلى صراع السرديات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى