مقالات وآراء

د.أيمن نور يكتب: في مولد نبي الرحمة..رسالة إليه

يمضي الزمن، وتطول الليالي، ويظل خلف الأسوار مَن لم يحملوا سلاحًا، بل حملوا كلمة وضميرًا، ودفعوا ثمن رأيهم من أعمارهم. وفي كل عام تتردد النداءات، ترتفع المناشدات، لكن الصمت يعلو، والغياب يطول.

اليوم، في ذكرى مولد من كان رحمة للعالمين، أجدني محاطًا بدموع الأمهات، وصبر الزوجات، وحيرة الأبناء، وأنين الإخوة. رسائلهم ليست أوراقًا مكتوبة، بل وجعًا نازفًا في كل بيت، ونبرة مكسورة في كل قلب. كلماتهم تنساب كدعاء حار، لا تبحث عن صدام، بل عن نافذة رحمة تليق بذكرى يومٍ علّم الإنسانية أن العفو قوة، وأن التسامح شجاعة، وأن الرحمة تسبق العقوبة.

رسالة إليه

إلى من بيده القرار… هذه الوجوه التي أنهكها الغياب، والبيوت التي تهددها الدموع، والأحلام التي وُئدت خلف القضبان، لا تطلب سوى لمسة إنسانية، خطوة صغيرة تُعيد الأمل، وقرار يفتح بابًا مغلقًا طال انغلاقه. وما أقسى أن يصبح الوطن شاهدًا على شتاء لا ينتهي، فيما أبناؤه ينتظرون دفء الحرية. إن الأوطان لا تُبنى بالانتقام، ولا تستقيم بالغياب، بل تُرمَّم بالعدل، وتزدهر حين يتقدّم العفو على الغضب، والرحمة على القسوة.

وفي مشهد واحد يتجسد كل المعنى: محمد سعد خطاب، ابن باب الشعرية، الكاتب الشريف الذي واجه الفساد منذ زمن مبارك وحتى اليوم، بضمير لا يعرف المساومة، وقلم لم ينحنِ لسلطة ولا أيديولوجيا. وهو الآن يذوي في محبسه، وقد تردّى وضعه الصحي، دون حكم، ودون سبب إلا كلمة صدح بها. أليس في مثل هذا النموذج ما يكفي لإيقاظ الضمير، وإدراك أن الرحمة لم تُخلق لتُؤجَّل؟

إن هذه الأصوات، التي حملتها الدموع قبل الأقلام، لا تطلب المستحيل. إنها تطلب قرارًا يعيد للوطن بسمته، وللبيوت دفئها، وللقلوب طمأنينتها. نداءٌ صريح بالإفراج عن سجناء الرأي، لا كمنحة ولا كتنازل، بل كاستعادة لروح العدل، وتأكيد أن هذا الوطن لا يليق به إلا أن يتسع لكل أبنائه، لعلها تكون بداية جديدة، يُغلق فيها باب الغياب، ويُفتح فيها باب الوطن على أملٍ يتسع للجميع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى