
من فرعون إلى الكيان الصهيونى.
عندما واجه موسى عليه السلام فرعون الطاغية، لم يكن بيده جيش جرار، ولا سلاح متطور، ولا قوة مادية تضاهي ما عند فرعون من جنود وسحرة وسلاح. كان بيده عصا بسيطة، لكنها تحولت– بأمر الله– إلى آية قاهرة أبطلت كيد الطغاة وأرعبت قلوبهم، ثم كانت وسيلة النجاة للمؤمنين والهلاك لفرعون وجنوده.
اليوم، ونحن نرى الكيان الصهيوني يمارس طغيانه في غزة وفلسطين، نستحضر تلك السنن الربانية: أن القوة الحقيقية ليست في السلاح ولا في المال، بل في العقيدة والاتصال بمدد الله.
1- عصا موسى… المعجزة البسيطة التي قلبت الموازين.
قال تعالى: ﴿فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾ [الأعراف:107].
العصا التي كانت أداة للرعي والسير، تحولت فجأة إلى وسيلة لهزيمة السحرة وفضح زيف فرعون.
الدلالة العقدية: أن الله يُخرج من أبسط الوسائل قوة قاهرة للطغيان، وأن المستضعف إذا اعتصم بالله صار أقوى من كل قوة مادية.
2- فرعون والكيان الصهيوني… وجهان لطغيان واحد.
فرعون قال: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾ [الزخرف:51]، متبجحاً بملكه وقوته.
والكيان الصهيوني اليوم يقول: “نحن نملك أقوى جيش وأحدث سلاح وأوسع نفوذ عالمي”.
لكن كما غرق فرعون بجبروته، فمصير الكيان الزائل مرتبط بسنن الله: ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص:40].
3- دلالة عصا موسى على واقع المقاومة اليوم.
كل صاروخ ينطلق من غزة، وكل نفق يُفتح، وكل شاب يقاوم رغم الحصار، هو صورة من “عصا موسى”: سلاح بسيط لكنه يُرعب عدوًا مدججًا بالتكنولوجيا.
الكيان فشل في كسر المقاومة رغم آلاف الغارات، لأنه يواجه إيمانًا لا يُهزم.
المقاومة تعلن عمليًا: لسنا بحاجة إلى معادلة توازن قوى مادية، فكما تحولت العصا إلى ثعبان، يتحول حجر طفل أو سلاح بسيط إلى قوة زلزالية تهز الكيان.
4- أثر الرسالة على نفسية العدو.
العدو الصهيوني يملك ترسانة ضخمة، لكنه يعجز أمام “الإيمان”.
ذكر “عصا موسى” اليوم يثير في وعيهم المخزون التوراتي الذي يعرفون رمزيته: أن الطغاة يُهزمون على يد المستضعفين بمدد من الله.
هذا يزرع فيهم الرعب من المجهول: أي مفاجأة تنتظرهم؟ وأي عصا جديدة ستبتلع أحلامهم بالتوسع؟
5- الدلالة العقدية: سنة الله ماضية.
النصر ليس وعدًا سياسيًا ولا أمانيَّ حماسية، بل هو سنة ربانية:
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص:5].
﴿فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ [آل عمران:174].
كما غرق فرعون رغم جبروته، فإن الكيان الصهيوني سيلقى المصير ذاته، لأنه وريث للطغيان نفسه.
ختاما: من عصا موسى إلى صواريخ غزة.
اليوم نحن أمام مشهد يتكرر: فرعون الأمس هو كيان اليوم، وعصا موسى هي مقاومة غزة.
الأمة مدعوة إلى أن تؤمن بهذا الوعد الإلهي، وتدعم المقاومة بكل الوسائل.
زوال الكيان ليس احتمالًا سياسيًا، بل هو حقيقة عقدية، وسنة ربانية ماضية.
وصدق الله العظيم:
﴿فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ﴾ [الأعراف:119].