إسرائيل تستخدم “روبوتات متفجرة” لتدمير أحياء غزة وتشريد آلاف العائلات

في تصعيد جديد ضمن الإبادة المستمرة منذ نحو عامين، يعتمد الجيش الإسرائيلي على روبوتات متفجرة تحمل أطنانًا من المواد الناسفة، يتم دفعها داخل الأحياء السكنية في قطاع غزة قبل تفجيرها عن بُعد، ما يؤدي إلى تسوية المباني بالأرض وتهجير السكان.
ويقول مختصون إن هذه الروبوتات هي آليات عسكرية قديمة يتم تفخيخها واستخدامها بدلًا من الجنود، وظهر هذا الأسلوب لأول مرة في مايو/ أيار 2024 خلال اقتحام مدينة جباليا شمال القطاع، قبل أن يتوسع لاحقًا ليشمل رفح، ويُستخدم اليوم بكثافة في قلب مدينة غزة بعد موافقة “الكابينت” الإسرائيلي في 21 أغسطس/ آب الماضي على خطة احتلال المدينة.
خسائر بشرية ومادية فادحة
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، شن الجيش الإسرائيلي منذ 13 أغسطس عملية برية “إجرامية”، فجّر خلالها أكثر من 100 روبوت متفجر، وأجبر آلاف المواطنين على الإخلاء، ما أسفر عن مقتل 1100 فلسطيني وإصابة 6008 آخرين.
مصادر أمنية أوضحت أن هذه التفجيرات تُحدث موجات انفجارية تمتد لمسافة تصل إلى 300 متر، متسببة بانهيارات متسلسلة في المباني المتلاصقة، وهو ما يؤدي إلى تدمير واسع وتشريد جماعي.
تدمير يومي لمئات الوحدات السكنية
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كشف مطلع سبتمبر أن الجيش الإسرائيلي يدمر يوميًا نحو 300 وحدة سكنية باستخدام 15 عربة مفخخة تحمل قرابة 100 طن من المتفجرات، مشيرًا إلى أن كل عربة قادرة على محو 20 وحدة سكنية دفعة واحدة.
وأوضح المرصد أن التفجيرات تتم غالبًا في ساعات الليل أو الفجر لإثارة الرعب بين السكان ودفعهم للنزوح، حيث يمكن سماع أصواتها على بعد يتجاوز 40 كيلومترًا.
أنواع الروبوتات المستخدمة
الباحث في الشأن العسكري الفلسطيني رامي أبو زبيدة أوضح أن الجيش الإسرائيلي يعتمد نوعين من الروبوتات:
- مركبات مجنزرة معدلة مثل ناقلات الجند القديمة من طراز M113، يتم تحميلها بأطنان المتفجرات وتشغيلها عن بعد.
- روبوتات أرضية صغيرة الحجم، بعضها لإزالة العبوات، وأخرى يتم تجهيزها ببراميل متفجرة لدفعها نحو مداخل الأنفاق والمناطق المكتظة.
وأشار أبو زبيدة إلى أن هذه الانفجارات تُحدث انهيارات متسلسلة وتدميرًا للبنية التحتية، وقد تسقط العديد من المنازل دفعة واحدة.
دوافع عسكرية وتداعيات إنسانية
يرى أبو زبيدة أن الهدف الأساسي من هذا الأسلوب هو تقليل الاحتكاك المباشر مع المقاتلين الفلسطينيين وتجنب خسائر بشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى فتح ممرات لدخول القوات عبر التفجير المسبق.
لكن بالمقابل، فإن الثمن الإنساني باهظ، إذ تتسبب هذه التفجيرات في محو أحياء كاملة وتشريد مئات العائلات، فضلًا عن بث الرعب في نفوس المدنيين.
وأكد الباحث أن الروبوتات المتفجرة لم تنهِ قدرة المقاومة على العمل الميداني، لكنها أسهمت في إحداث دمار واسع وتهجير جماعي، ما يجعلها “أداة حرب إبادة أكثر من كونها مجرد تكتيك عسكري”.
حصيلة ضحايا الإبادة في غزة
وبدعم أمريكي، تواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تنفيذ حرب إبادة شاملة في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة القرارات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية.
وحتى اليوم، أسفرت الإبادة عن استشهاد 64 ألفًا و231 فلسطينيًا وإصابة 161 ألفًا و583 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 370 فلسطينيًا بينهم 131 طفلًا.