
استفحلت الأزمة اللبنانية ووصلت إلى أشد مراحلها، بما تنذر بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، كتلك التي وقعت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي أو أشد!، وسبب الإشكالية هو عزم الحكومة اللبنانية على المضي قدماً نحو نزع سلاح حزب الله اللبناني كأهم مَعْلم من معالم السيادة المفتقدة للدولة اللبنانية فوق أراضيها..
صحيح أن اتفاق الطائف “وثيقة الوفاق الوطني اللبناني”30أيلول سبتمبرعام1989 قد استثنى -ولو ضمنياً- سلاح حزب الله من سحب أسلحة المليشيات في لبنان، رغم كونه أهم ميلشيا مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة، معتبرةً إياه قوة مقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي، لكنّ ذلك كان على قاعدة تغليب المصالح العليا اللبنانية فوق ما سواها من المصالح.
وللأسف فقد قدّم الحزب مصلحة الراعي “إيران” والذي أصبح أحد أهم وأقوى أذرعته في المنطقة العربية كلها، وخاض أقوى معاركه تضامناً مع الراعي لا مع الدولة اللبنانية التي استأسد عليها وعلى مكوناتها وانتصر لأيدلوجيته دونها..
والآن وفي ظل حكومة الرئيس العماد”جوزيف عون”، ورئيس الحكومة “نواف سلام” وسعياً لوقف الإعتداءات المتكررة لجارة السوء “إسرائيل” وطمعاً في الدعم الدولي وعلى رأسه دعم الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إعادة إعمار القرى والمدن المدمرة خاصة في الجنوب.
ولإعادة تأهيل وبناء وتحديث الجيش اللبناني، أصبحت لبنان في مفترق طرق من أجل تحقيق تلك المطالب الوطنية الهامة شريطة فرض السيطرة اللبنانية على كامل ترابها وعدم السماح بإستمرار أي ميلشيا خارجة عن سيطرة الدولة.
وهنا يبرز إسم حزب الله صاحب أقوى ميليشيا يمتلك من السلاح الثقيل والصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، مع راجمات الصواريخ والمدفعية الثقلية وغيرها من ترسانة الحزب الكبيرة ما لا يمتلكه الجيش نفسه!..
لكننا لابد وأن نعلم أن نزع سلاح الحزب ليس مطلباً وطنياً يصب في مصلحة لبنان وحدها بل هو في الأساس استراتيجية أمريكية صهيونية تسعى لمصلحة الإحتلال وتُسخّر لأجله الإدارة الأمريكية قوتها وضغطها على حكومة بيروت ملوحة بالعصا والجزرة ومهددة للدولة اللبنانية بالبلطجي الساكن في الجوار”اسرائيل”: إما نزع السلاح ومعه تتدفق المساعدات السخية التي ستتكفل به بعض دول الخليج!، أو الإجتياح البري بدعوى حماية الأمن القومي لدولة الإحتلال!
إذا ما رفضت لبنان التعاطي مع المطالب الامريكية أو اذا خسر الجيش اللبناني معركته مع حزب الله، فما الحل الأمثل أو لنقل حل الضرورة للخروج من تلك الأزمة بأقل ما يمكن من خسائر؟!
ضرورة تداخل بعض الدول المتنفذة في الملف اللبناني أمثال المملكة العربية السعودية وسوريا وقطر مع الدول الهامة في المنطقة أمثال مصر وتركيا وايران تحت مظلة الجامعة العربية والتعاون الإسلامي للتلاقي مع حكومة بيروت من أجل الإتفاق على سبل الخروج من الأزمة والحيلولة دون رغبة اسرائيل وامريكا للتصعيد دون اعتبارات انهيار الوضع اللبناني والأخير مطلب اسرائيل لكل دولنا العربية والإسلامية على السواء.
لتكن أهم بنود الإجتماع العاجل هو الاتفاق على الخروج ببعض البنود التي تحفظ أمن الدولة اللبنانية وتحقق لها الحد الأدني من الطمأنينة في مواجهة العربدة المعتادة للكيان الصهيوني وتهديداته، ومواجهة التغول الماضي للحزب داخل دولاب الدولة والحياة العامة للبنان والجلوس مع ممثلي الحزب لإبلاغه بما اتفقت عليه الدول مجتمعة مع الحكومة اللبنانية واهمها:
1-الاتفاق على مهلة سنة كاملة لتسليم سلاح الحزب الثقيل لعهدة الجيش اللبناني بشروط تتفق عليها كافة الأطراف ومنها:
2- ابلاغ الإدارة الأمريكية ومن خلفها دولة الإحتلال بأن الدول المجتمعة ضامنة لتسليم السلاح شريطة الإنسحاب الاسرائيلي الكامل من النقاط الحددوية الخمسة المحتلة في الجنوب اللبناني المتاخم لدولة الإحتلال فلن يُسلّم الحزب سلاحه هدية للكيان الصهيوني!.
3-انشاء قوة عسكرية مُشكّلة من الدول الست الضامنة تحت إمرة الحكومة اللبنانية للإتفاق بالتشارك مع الجيش اللبناني تتولى حماية الحدود اللبنانية من أي خروقات قد يرتكبها الحزب أولا، والتصدي لأي تهديد قد تشكله دولة الإحتلال في المستقبل القريب أو حتى البعيد.
4- ادماج أفراد حزب الله بالجيش اللبناني ما بين جنود وضباط بحسب درجاتهم وخبراتهم التي اكتسبوها من خلال الإنضواء تحت حزب الله في السنوات الماضية من أجل الإستفادة بهم واحتواءهم للخدمة في الجيش اللبناني.
5-انشاء صندوق مالي لإعادة اعمار القرى والمدن المُهدَّمة بالجنوب اللنباني وغيره من المدن اللبنانية، والمساهمة في تحديث الجيش اللبناني تتوالاه دول مثل مصر تركيا ومصر وتموله دول مثل قطر والسعودية.
خلاصة القول:
الحلول الصفرية مستحيلة التحقق في كافة النزاعات الدولية والبينية داخل الوطن الواحد إلا في ظروف معينة غير متوفرة في النموزج اللبناني، والخسائر الواردة التحقق أكبر من المكاسب المتوهمة، ولا رأي هنا للمصابين بالنرجسية في كلا الطرفين المتصارعين! فإما وصولٌ بالسفينة إلى بر الأمان أو الغرق المحقق وساعتها لن ينفع الندم!.