الدبيبة والردع.. طرابلس على صفيح ساخن بين التحشيد والتحذيرات

تعيش العاصمة الليبية طرابلس منذ أكثر من أسبوع أجواء متوترة وسط تحشيدات عسكرية متبادلة، أثارت مخاوف جدية من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مسلحة واسعة.
قوات من مصراتة إلى طرابلس
أنباء تحدثت عن تحرك قوات من مدينة مصراتة موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة باتجاه طرابلس، مع حشد لقوات أخرى داعمة له داخل العاصمة. وفي المقابل، انتشرت تشكيلات “جهاز الردع لمكافحة الجريمة” المتمركز في تاجوراء وسوق الجمعة، والتابع للمجلس الرئاسي، والمصنف كأحد أبرز خصوم الدبيبة.
حياة يومية متوترة
ورغم عدم وقوع أي اشتباكات حتى الآن، إلا أن الخوف الشعبي يتصاعد يوميًا. فالمشاهد المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت أعدادًا كبيرة من القوات القادمة من مصراتة، بينما يملك “جهاز الردع” انتشارًا واسعًا في مناطق حيوية كمعيتيقة وسوق الجمعة وتاجوراء. وهو ما يجعل أي مواجهة محتملة بمثابة “حرب حقيقية” وليست مجرد مناوشات محدودة.
تجدد سيناريو مايو الماضي
التطورات الراهنة تعيد للأذهان ما حدث في 12 مايو/ أيار الماضي حين اندلعت اشتباكات انتهت بسيطرة “اللواء 444 قتال” التابع لحكومة الوحدة على مناطق واسعة في طرابلس، بعد مقتل قائد “جهاز دعم الاستقرار” عبد الغني الككلي. آنذاك اعتبر الدبيبة ما جرى جزءًا من خطة حكومية لـ”القضاء على المليشيات”، وقال إن خطته لاقت “دعمًا دوليًا واسعًا”.
مواقف محلية متحفظة
مجلس النواب حذر من “جر العاصمة للحرب وسفك الدماء”، فيما رفض المجلس الأعلى للدولة أي تصعيد مسلح، معتبرًا أنه يهدد جهود البعثة الأممية لإطلاق مسار سياسي جديد يقود إلى انتخابات موحدة.
تحذيرات دولية متصاعدة
البعثة الأممية أبدت “قلقًا بالغًا” من استمرار التحشيد العسكري حول العاصمة، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس والعودة للحوار. الاتحاد الأوروبي بدوره طالب بالانسحاب الفوري للقوات من المناطق السكنية، فيما حذر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط من “خطر الانزلاق مجددًا في دوامة الصراع”.
خطوات لنزع فتيل الأزمة
رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي عقد اجتماعات مع رئيس الأركان وأعيان المنطقة الغربية، لبحث سبل تحصين العاصمة من شبح الحرب. كما واصلت لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية مساعيها لضمان وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار.
خطوة “جريئة جدًا” أم “مساعٍ غير بريئة”؟
العقيد المتقاعد محمد الناجي بوفراج اعتبر تحركات الدبيبة “خطوة جريئة جدًا” تهدف إلى القضاء على المليشيات لصالح بناء جيش وشرطة نظامية. لكن الخبير الليبي خيري سعدون رأى أن حكومة الوحدة تسعى لإضعاف التشكيلات غير الموالية لها وتقوية أخرى داعمة لها، محذرًا من خطورة اندلاع مواجهات مع “جهاز الردع” الذي يحتجز في سجونه مئات الإرهابيين، بينهم مطلوبون دوليون.
وبين مساعي الحكومة لبسط سيطرتها، وتحذيرات محلية ودولية من عودة الصراع، تبقى طرابلس على صفيح ساخن، وسط خشية حقيقية من أن يؤدي أي انفجار للأوضاع إلى قلب المشهد السياسي والعسكري في ليبيا بالكامل.