
في مشهد يعيد إلى الأذهان روح التضامن العالمي، شهد مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، قلب العاصمة النابض بالحياة، توافداً لافتاً للمشاركين في “أسطول الصمود العالمي” المنطلق من تونس نحو قطاع غزة.
يأتي هذا الأسطول الإنساني في إطار حملة دولية ضاغطة لكسر الحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل ودول اخري على القطاع منذ سنوات، والذي أدى إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية والإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني.
يجمع الأسطول، الذي يعد الأكبر من نوعه منذ أسطول الحرية في 2010، نشطاء وحقوقيين وأطباء ومتطوعين من مختلف أنحاء العالم، توحدهم رغبة إنسانية واحدة وهي تقديم المساعدة المباشرة وإسماع صوت أهل غزة إلى العالم.
وقد وصل المشاركون من دول أوروبية وعربية وإفريقية وآسيوية، حاملين معهم مؤناً طبية وغذائية وإمدادات أساسية يصعب دخولها إلى القطاع المحاصر.
وما يزال المتطوعون يتلقون، حتى لحظة الإعداد، دورات تكوينية مكثفة نظمتها لجنة التنظيم على قدم وساق.
ومنها التدريب على السلامة البحرية و إجراءات الطوارئ واستخدام سترات النجاة وقوارب النجاة.
والتوعية القانونية حول الحقوق في المياه الدولية وآليات المواجهة السلمية للاحتمالات المختلفة.
و التعريف بالوضع الإنساني في غزة لفهم عمق المأساة التي يعيشها السكان.
وكذلك آليات المقاومة السلمية للتعامل مع أي عمليات عسكرية أو استفزازية محتملة من قبل القوات الإسرائيلية، كما حدث في السابق.
إن القضية فلسطين في الوجدان العالمي وعدم نسيانها رغم مرور السنوات.
هذه الرحلة، رغم المخاطر التي تحيط بها، هي رسالة إنسانية قوية تذكر العالم بأن الحصار على غزة هو عقاب جماعي ينتهك القانون الدولي ويجب أن يتوقف.
إنها صفعة أخلاقية للصمت الدولي وتأكيد على أن إرادة البشر في فعل الخير لا يمكن أن تحجزها حواجز أو توقفها تهديدات.
غَزَّةُ.. نَزَفَتْ دَمًا وَضَحَايَا
وَالأَرْضُ تَحْتَ دُخَانٍ وَدَمَايَا
صَرَخَاتُ أُمٍّ عَلَى وَلَدٍ رَحَلُوا
لَا بَارَدَ الشَّوْقُ لَا وَلاَ الدَّمَايَا
وَطُفُولَةٌ بِالرَّصَاصِ انْتُهِكَتْ
لَمْ تَذْقْ سِوَى حُزْنِهَا وَالشَّجَايَا
لَهُمُ السَّمَاءُ سَقْفُهَا وَحَدِيثُهُمْ
مَتَى سَيَمُوتُونَ؟ هَذِهِ البَلَايَا
صَحَافِيُّنَا.. كَلمَاتُهُمْ رَصَاصَةٌ
تَقُصُّ حَكَايَةَ ظُلْمٍ وَخَطَايَا
سَقَطُوا وَمَضَوْا وَكَلِمَةُ الحَقِّ فِيهِمُ
لَمْ تَمُتْ.. وَسَتَبْقَى هَتِيفَ الهُدَايَا
بِيضُ الأَطِبَّاءِ فِي القَسَمِ الَّذِي
أَقْسَمُوا.. لِيدْفَنُوا مَعَ الأَطْفَالِ فِي التُّرَابْ
يَبْسُطُونَ يَدَ العِلاجِ وَيَرْوُونَ
بِالدَّمِ العِرَاقِيلَ وَالأَنْهَابْ
وَالأَرْضُ تَئِنُّ وَالسَّمَاءُ تَبْكِي
عَلَى شُهُودٍ مَضَوْا وَعَلَى دُيُونْ
يَا قَاسِيَ القَلْبِ عَلَى هَذَا الدَّمِي
هَلْ فَاضَ قَلْبُكَ بِالحَنِينِ يَا إِنْسَانْ؟!
لَنْ تَمُتَنْ غَزَّةُ.. فَالْحَقُّ نَارٌ
وَصُرُوخُهَا فِي الأُفُقِ لَنْ يُحْجَبَا
سَتَرْحَمُ التَّارِيخَ يَوْمًا وَتَرْوِي
لِلْعَالَمِينَ: هُنَا.. صَمَدْنَا.. وَغَلَبْنَا.
بينما يُذبح الأطفالُ والنساءُ والأبرياء في غزة، يقف الحكام العرب صامتين، وكأن الأمر لا يعنيهم.
إنه صمتٌ يصرخُ بالعار، ويتحدى كلَّ معاني الأخوة والعروبة.
أينَ هم من حصارٍ خانقٍ دمّر الحياة؟
أين هم من دماءٍ تسيلُ كلَّ يوم؟
لقد فضح تخاذلُهم كلَّ الادعاءات، وكشف أن مصالحَ الشخصيةَ أصبحتْ أغلى من الأرواح وأقدس من الدماء.
خَذَلُوا.. فَضَاعَ الْحَقُّ بَيْنَ الْخُطُوبِ
وَالْقَلْبُ يَنْزِفُ وَالْحِجَارَةُ تَنْدُبُ.
إنه عارٌ تاريخي سيُلاحقهم أينما حلّوا، ويُسجله لهم التاريخ بحروف من نار وجمر.
يَقِفُ الحُكَّامُ على الأَطْلالِ يَنظُرُونَ
وَقَدْ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُهُمْ وَحُصُونُهَا
وَيَسْأَلُهُمْ دَمُ الأَبْرِيَاءِ وَأَنتَ تَرَى
أَكُفَّهُمْ في غَيرِ هَذَا مَشْغُونُهَا .