السفير معصوم مرزوق: المقاومة الفلسطينية تثبت أخلاقيتها وتكشف ضعف الجيش الإسرائيلي

قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في مقابلة مع الجزيرة مباشر إن إفراج حماس عن الأسيرات الإسرائيليات يعكس “الأخلاق العربية والإسلامية” في التعامل مع الأسرى، مؤكدًا أن هذا الموقف مألوف للمقاومة الفلسطينية. وأضاف أنه خلال لقاءاته الإعلامية الأولى بعد 7 أكتوبر 2023، سعى لإيصال رسائل محددة، إلا أن التواصل توقف لاحقًا.!
أحييك على شاشة الجزيرة مباشر، ومن أوائل اللقاءات الإعلامية بعد 7 أكتوبر 2023 … التي حاولت فيها إرسال بعض الرسائل، وتحديد بعض المواقع … بعد عدة لقاءات من هذا النوع، توقف التواصل، وأصبح صوتي محدداً فوق السطور فقط !!
الإفراج عن الأسيرات
أدخل معك في قراءة للتطورات. أنا أريد أن أستمع لرأيك في مسألة الإفراج عن الأسيرات الإسرائيليات: اثنتان اليوم واثنتان قبل أيام كانتا تحملان الجنسية الأمريكية. وكانت إسرائيل منذ يومين تدعي أن هذا لن يحدث وأن حماس كاذبة في مسألة الإفراج عن الأسيرين المسنين.
ما رأيك في هذا المشهد بشكل عام سيادة السفير؟
اسمح لي قبل الإجابة أن أتقدم لك بالتحية ومن خلالك إلى شعبنا المقاوم الصامد في غزة. أنقل لهم جميعًا كل الدعم من إخوانهم في مصر، وكل ما يمكن أن نقوم به سوف نقوم به من أجل رفع العبء عنهم.
بالنسبة للسؤال: حقيقة هو ده اللي بيعكس أخلاقنا وبيعكس ديننا وبيعكس ما اعتدنا عليه. إحنا في 73، وأنا ذكرت ده في كتاباتي عن الحرب، أنا اشتركت في الحرب. إحنا طلعنا من نقطة بور توفيق 37 أسير، ومنهم أسرى كانوا محتاجين لعلاج طبي وكنا بنقدم لهم كل المساعدات الممكنة بدون إهانة ولا أي تعريض ليهم.
طبقنا اتفاقيات جنيف كما تعلمناها في الكلية الحربية. وفوجئت طبعًا بعد الحرب لما بدأوا ينشروا مذكراتهم عن ما فعلوه في أسرانا في 56 و67. للأسف ما كنتش عارف ده قبل ما أدخل حرب 73. كنت ضابط صاعقة وأثرت أكثر من واحد أثناء العمليات خلف خطوط. ومع ذلك ما كانش هيتغير أسلوبي لأنه الأسير هو رجل خرج من الخصومة، خرج من المعركة، سقط سلاحه.
فأنا بحيي حماس على هذا الأداء الرفيع اللي أنا مش مستغربه الحقيقة من المقاومة الفلسطينية، ومش بستغرب من أي جيش عربي الحقيقة، لأن هذه هي أخلاقنا ويجب أن يكون هذا النسق الأخلاقي موجودًا حتى في أحلك الظروف وأصعبها.
تقييم أداء المقاومة
لك خبرة ليست بالقصيرة في مجال العمل العسكري وحاربت كما تقول أنت الآن وأثرت بشكل أو بآخر. كيف تقيم أداء حماس العسكري وأداء المقاومة من خلال ما شاهدناه جميعًا في 7 أكتوبر الماضي؟
تقديري للأداء العسكري ولهذه المرحلة على وجه العموم: كنت الحقيقة منشغل بكتب مقال تحليلي لأني اكتشفت أن هناك تدهورًا خطيرًا جدًا في أداء العدو الإسرائيلي شكلاً ونوعًا وانضباطًا أيضًا.
أنا اللي شفته من الحقيقة ده من بدري من المواجهة السابقة في غزة برضه. وأنا بمتابع بدقة وبقرأ الصحافة الإسرائيلية وبقرأ ما يتردد على ما بين الجنود أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي. لأن حضرتك كما تعرف إحنا كنا بنتعلم اللغة العبرية أيضًا في دراستنا.
فالحقيقة مش مندهش للأداء العسكري الإسرائيلي. أنا شايف إنه بدأ يتضور. هو فقط يملك قوة النار وقوة الدروع وقوة التكنولوجيا طبعًا والتسليح اللي مفتوحة خزائنه في أمريكا، مدد لا ينقطع.
إنما الحقيقة اللي استوقفني هذه المرة في أداء حماس: هذا التطوير النوعي الجديد رغم قلة الإمكانيات وضآلتها. هم وظفوا الأرض كي تدافع عنهم، وظفوا معرفتهم وإيمانهم العميق بما يقومون به كي ينفذوا أصعب مهام وأدقها.
أنا الحقيقة هناك في تحركات المقاومة الفلسطينية السابقة تجعلني مطمئن تمامًا إلى أن الجيش الإسرائيلي لو غامر وحاول أن ينفذ محاولة نتنياهو الهروب للأمام بالغزو البري، فسوف تكون كما أتصوره وأراه وأقدره وأتمناه أيضًا بداية النكبة الحقيقية للفكرة الصهيونية من أساسها.
لأنه إذا اندحر هذا الجيش في غزة – وأرجو أن يكون هذا حقيقي – سوف تنفتح أيضًا جميع الجبهات من الضفة الغربية ومن كل مكان.
الروح الشعبية المصرية
أنا عايز أقول لحضرتك يا أستاذ أحمد: أضل أنا شباب من العيلة وبره العيلة، دول عمرهم لا سمعوا عن صراع عربي إسرائيلي، وما كانوش بيسمعوا غير مزامير السلام ومزامير التطبيع والفرص المتاحة في الاقتصاد والتعاون مع إسرائيل.
هؤلاء الشباب حواليَّ في كل مكان، وكل ما بتحرك يقولوا لي: “يا سيادة السفير، قول لنا، إنت حاربت في 73، إحنا عايزين نقوم بدورنا”.
أنا الحقيقة شايف إن نتنياهو أو الحكومة اليمينية المتعصبة اتخذت قرارًا خطيرًا وخاطئًا لهذا الرد الفعلي الوحشي.
أنت عارف لو كان رد فعل على قد الفعل، كان من الممكن إنه مش هيسيب كل الأثر ده وسط الجموع الشعبية.
أنا كمل التبرعات اللي بيجمعها الشعب المصري دلوقتي غير مسبوقة. كل ربة أسرة بتكلم جارتها. والكلام ده كل المصريين سامعيني دلوقتي وعارفين إني مش بتكلم حاجة خيالية. لا، كله بيتكلم وبيجمع بكل ما يقدر عليه، علمًا بأن الظروف الاقتصادية للشعب المصري ليست كما تعلم على ما يرام.
ومع ذلك يجمعون ما بينهم كل ما يملكوه ويبعثون به إلى الهلال الأحمر. وزي ما قلت لك: في ناس عايزة تتطوع كمان.
جرائم حرب موصوفة
فأنا لا أتمنى أن تتسع المسائل إلى هذا الحد. وأتمنى أن يكون هناك مازال بعض العقل لدى المخططين في تل أبيب لكي يقفوا هذه المجزرة وهذه الوحشية التي لن تُنسى أبدًا لكل من شارك فيها.
لأنها جرائم حرب موصوفة بامتياز: جرائم إبادة، جرائم تهجير قسري، جرائم تطهير عرقي. كل هذه الجرائم موصوفة في ميثاق المحكمة الجنائية الدولية.
وأنا أظن أن ما قاله مثلاً وزير الدفاع عن وصفه لأهل غزة بأنهم “حيوانات” وأنه لابد من قطع المياه والكهرباء: هو لا يدري أن غرور القوة بيجعله يرتكب جرائم حرب موصوفة وسوف يُحاسبون.