إسطنبول – ورشة عمل حول مستقبل الأمن المائي لمصر والسودان بعد افتتاح سد النهضة

نظم المجلس العربي ورشة عمل موسعة في مدينة إسطنبول تحت عنوان: “مستقبل الأمن المائي لمصر والسودان بعد الافتتاح الرسمي لسد النهضة الإثيوبي”.
الورشة جاءت في توقيت بالغ الحساسية، مع دخول مشروع سد النهضة مرحلة التشغيل الرسمي، وما يحمله من تداعيات سياسية واقتصادية وإنسانية على دولتي المصب، مصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل شبه كامل على مياه نهر النيل كمصدر رئيسي للحياة والتنمية.
مشاركة واسعة من الخبراء والسياسيين
شهدت الورشة مشاركة شخصيات بارزة تجمع بين الخبرة الأكاديمية والسياسية والفنية.
حضر الدكتور أيمن نور، نائب رئيس المجلس العربي، إلى جانب الدكتور أحمد المفتي، الخبير السوداني في القانون الدولي وعضو وفد المفاوضات السابق في ملف السد قبل أن يستقيل احتجاجًا على مسار المفاوضات.
كما شارك الدكتور محمد حافظ، أستاذ وخبير السدود في الجامعات الماليزية، والدكتور عبد التواب بركات، الأكاديمي والمستشار السابق لوزير التموين في مصر، إضافة إلى الدكتور عصام عبد الشافي أستاذ العلوم السياسية، ونخبة من الباحثين والمهتمين.
وقد أدار فعاليات الورشة الدكتور أسامة رشدي.
أربعة محاور أساسية للنقاش
1. الأبعاد السياسية والدبلوماسية
تم التطرق إلى فرض الأمر الواقع الذي تسعى إليه إثيوبيا، وما إذا كانت هناك خيارات سياسية متاحة أمام مصر والسودان في ظل هذا المشهد.
وأكد المشاركون أن القوى الوطنية في البلدين مطالَبة بتحمل مسؤوليتها في مواجهة التداعيات الخطيرة لتشغيل السد، بعيدًا عن الحسابات الضيقة.
2. الإطار القانوني الدولي
تناول النقاش اتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015، الذي وصفه كثير من المتحدثين بأنه كان نقطة ضعف كبيرة أضاعت أوراق القوة القانونية لمصر والسودان.
كما ناقش الحاضرون القواعد الدولية الحاكمة للأنهار الدولية، وإمكانية الاستناد إليها لتقوية الموقفين المصري والسوداني مستقبلًا.
3. الجوانب الفنية والهندسية
عرض الخبراء سيناريوهات فنية دقيقة تتعلق بتأثير السد على تدفق مياه النيل الأزرق، وإمكانية تراجع حصة مصر والسودان من المياه.
كما تطرقوا إلى التأثيرات المتوقعة في حالة حدوث فترات جفاف ممتدة، وتحليل الجدوى الاقتصادية لتوليد الكهرباء مقارنة بالتكلفة الباهظة التي قد يدفعها ملايين المواطنين.
4. بدائل وسياسات التخفيف داخليًا
ناقش المشاركون خطط إدارة الموارد المائية بكفاءة أعلى، والاعتماد على تحلية المياه وإعادة استخدامها، بالإضافة إلى ترشيد أنماط الزراعة القائمة حاليًا.
وأكدوا أن هذه البدائل لا تعني التنازل عن الحقوق التاريخية بل تُعد إجراءات إنقاذية في مواجهة أزمة متصاعدة.
البعد السياسي والفشل التفاوضي
اتفق المشاركون على أن البعد السياسي هو المحرك الأساسي وراء تعثر المفاوضات طوال السنوات الماضية.
وأشاروا إلى أن التفريط في الاتفاقيات الدولية التاريخية التي كانت تضمن لمصر والسودان حقوقًا واضحة في مياه النيل، شكّل أحد أهم أسباب المأزق الحالي.
وأكدوا أن التعامل مع الأزمة يستوجب إرادة سياسية قوية، وتحركًا دبلوماسيًا وقانونيًا متوازيًا مع السياسات الداخلية.
التوصيات
في ختام الفعالية، شدد المشاركون على أن قضية الأمن المائي لم تعد ملفًا فنّيًا أو دبلوماسيًا فقط، بل تحولت إلى مسألة وجودية تهدد الأمن القومي لمصر والسودان.
وأكدوا ضرورة أن تعمل القوى السياسية والمجتمعية في البلدين بشكل مشترك من أجل استعادة زمام المبادرة، وحماية حقوق شعوب وادي النيل في الحياة والتنمية.