مقالات وآراء

د. محمد عماد صابر يكتب : العلاقات الحقيقية بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي!

كثيرًا ما يُصوَّر أن الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية “حلفاء” أو “أصدقاء”، وأن العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. لكن الواقع السياسي والتاريخي يكشف أن هذه العلاقة لا تقوم على الندية، بل على الخضوع والابتزاز، حيث تُعامَل الحكومات العربية كأدوات وظيفية، تُستخدم لحماية مصالح واشنطن والكيان الصهيوني.

يتصور هذا ويؤكده البعد العقدي في العلاقة.


الولايات المتحدة ليست دولة “علمانية محضة” كما يدّعي البعض، بل إن السياسة الخارجية الأمريكية مشبعة بتصورات لاهوتية توراتية وإنجيلية، خاصة من خلال نفوذ التيار الإنجيلي البروتستانتي الصهيوني (Christian Zionism) الذي يرى أن دعم إسرائيل واجب ديني لتحقيق “وعد الرب”.
قال الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان بعد اعترافه بقيام إسرائيل عام 1948: “لقد ساعدتُ في تحقيق وعد الله بعودة الشعب المختار إلى أرض الميعاد”.


وقال الرئيس جورج بوش الابن: “الحرب على الإرهاب هي صراع بين الخير والشر، ونحن أمة اختارها الله”.
والنص التوراتي يقول: “سأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض” (سفر التكوين 12: 3)، وهو النص الذي يُستخدم لتبرير الدعم المطلق لإسرائيل.


هذه النصوص والعقائد تُترجم عمليًا في السياسات: دعم الاحتلال، إضعاف الدول الإسلامية، ومحاولة تفكيك هويتها العقدية.

وبخصوص البعد السياسي والجيواستراتيجي. الابتزاز مقابل الحماية: تُصوِّر واشنطن نفسها كحامية للأنظمة العربية من “التهديدات”، لكنها في الحقيقة صانعة هذه التهديدات. مثال: ابتزاز دول الخليج بعقود السلاح الضخمة (أكثر من 400 مليار دولار في صفقة واحدة مع السعودية 2017).


تفكيك المنطقة: من خلال مشاريع مثل الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة، والهدف إعادة رسم الخرائط بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
التحكم في الثروات: النفط والغاز أهم أدوات السيطرة. تصريح هنري كيسنجر الشهير: “من يسيطر على النفط يسيطر على الأمم”.

يأتى مفسرا وموضحا البعد الاقتصادي.


الاقتصاد العربي والإسلامي مرتهن للبنوك والشركات الأمريكية.
تُستخدم الدولار كأداة ابتزاز: تجميد أموال، عقوبات، وربط الأسواق العربية بالنظام المالي الأمريكي.
مثال: العقوبات على العراق (1990-2003) أدت إلى وفاة أكثر من نصف مليون طفل، وهو ما اعترفت به مادلين أولبرايت قائلة: “الثمن يستحق ذلك”.

يترجم البعد العسكري والأمني الأبعاد السابقة واقعًا حاضرا. وجود أكثر من 30 قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج وحده، لضمان السيطرة والردع.
تدخل مباشر في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا، وتغذية الفوضى في دول أخرى.
التنسيق الأمني بين بعض الأنظمة العربية وواشنطن هو في جوهره خدمة لحماية إسرائيل من أي تهديد.

نحن كمجتمع مسلم صاحب الحضارة الربانية الخالدة التى تعطى الانسان سعة فى التفوق وهدوءًا فى اتخاذا القرارات ونظرًا بعيدًا فى الحاضر والمستقبل نلتزم كتاب ربنا وهدى نبينا عليه الصلاة والسلام البعد الشرعي الإسلامي.


القرآن الكريم بيّن طبيعة العلاقة مع اليهود والنصارى إذا تحالفوا ضد الإسلام: ﴿وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: 120].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: 51].


قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه” (متفق عليه).
إذن، الخضوع للغرب ليس خيارًا سياسيًا فقط، بل انحراف عقدي عن منهج الله، ويؤدي إلى ضياع الدين والدنيا.

“الشواهد الواقعية”


  • 1- الابتزاز العلني: قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن السعودية: “لولا حمايتنا لها لما بقيت أسبوعين”.
  • 2- الحماية مقابل المال: قال أيضًا: “السعودية دولة غنية جدًا، وعلينا أن نجعلها تدفع ثمن حمايتنا”.
  • 3- التحالف مع إسرائيل: الدعم الأمريكي غير المشروط للكيان الصهيوني، رغم كل جرائمه في فلسطين، مثال حي على أن “الحماية” موجهة لإسرائيل أولًا وأخيرًا.
  • 4- إن السياسة الأمريكية الغربية تقوم في جزء منها على حشد الرأى العام الغربي خلف الأساطير التوراتية متبنية أطروحات الصهيونية المسيحية ومتهمة الإسلام بالإرهاب والتطرف في حالة أبدت الشعوب العربية والإسلامية الغضب إزاء المخططات الإسرائيلية والأمريكية التى تسعي إلي نهب ثروات المنطقة والسيطرة على مقدراتها

الخلاصة:


العلاقة الحقيقية بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي ليست صداقة ولا تحالفًا ندّيًا، بل هي علاقة هيمنة عقدية وسياسية واقتصادية. الأمريكي يستغل خوف الحكام العرب من شعوبهم ليبتزهم، بينما يُسخّر ثرواتهم وأراضيهم لخدمة المشروع الصهيوني المسيحي واليهودي.

والحل لن يكون إلا بالقضاء على الاستبداد في منطقتنا العربية والإسلامية وإقامة أنظمة ديمقراطية رشيدة تحترم إرادة شعوبها وتستمد شرعيتها منها وتحترم هويتنا الإسلامية وتستنهض طاقات الأمة كي تستعيد كرامتها وتعد العدة للخلاص من الأخطبوط الصهيوني الجاثم على صدرها. قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال: 60].

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى