مقالات وآراء

إسلام الغمري يكتب: ماذا لو قصفت إسرائيل القمة العربية الإسلامية في الدوحة؟ سيناريو الجنون الذي قد يشعل المنطقة بلا عودة!

جنون الاحتمال المظلم

ماذا لو فقد نتنياهو آخر ما تبقى من عقاله السياسي، وأقدم على خطوة جنونية بقصف القمة العربية الإسلامية التي ستجتمع في الدوحة الأحد القادم؟ هل يمكن أن يصل التهور الإسرائيلي إلى هذا الحد غير المسبوق؟

وهل سيكون القادة العرب والمسلمون في مأمن، أم أن شبح الغدر الإسرائيلي قد يلاحقهم حتى داخل قاعة اجتماعهم؟

والأخطر من ذلك: هل يثق هؤلاء القادة في وعود وتعهدات ترامب، الذي يقدم نفسه ضامنًا للأمن الإقليمي، وهو نفسه الذي يرعى المشروع الإسرائيلي ويمد نتنياهو بغطاء غير محدود؟

هذا التساؤل ليس مجرد خيال سياسي، بل هو تمرين ذهني يكشف هشاشة الواقع العربي والإسلامي، ويضع الجميع أمام مشهد درامي محتمل، لو وقع، لقلب الموازين في المنطقة، وربما غيّر وجه التاريخ.

أولًا: كيف يمكن أن يحدث السيناريو؟

القصف الإسرائيلي لقمة بهذا الحجم سيكون بمثابة “هجوم على الأمة كلها”، لكنه في الوقت نفسه ليس بعيدًا عن سجل إسرائيل في انتهاك كل الخطوط الحمراء.

فنتنياهو يعيش حالة حصار سياسي داخلي، ويواجه تحديات غير مسبوقة بعد حرب غزة وضربات إيران، وهو يدرك أن أي مغامرة كبرى قد تمنحه أوراق قوة جديدة أمام الرأي العام الإسرائيلي والداعم الأمريكي.

السيناريو الأكثر توقعًا أن يتم استهداف محيط مقر القمة بضربة دقيقة، تُسوَّق على أنها “رسالة ردع” ضد ما تسميه إسرائيل “تحالفًا معاديًا”، أو يجري تبريرها بوجود “تهديدات أمنية” أو “مخططات إرهابية”.

ومن الناحية التقنية، فإن الطائرات الإسرائيلية قادرة على تنفيذ هجوم صاروخي بعيد المدى، يمر عبر الأجواء الخاضعة لرقابة أمريكية، مما يعزز فرضية أن واشنطن ستكون على علم مسبق بأي عملية.

ثانيًا: الرسائل الإسرائيلية من وراء الضربة

لو حدث القصف فعلًا، فإن الرسالة الأولى ستكون واضحة: “لا أحد في مأمن من يد إسرائيل الطويلة”. إنها محاولة لإذلال الزعماء العرب والمسلمين في لحظة اجتماعهم، وإثبات أن الكيان يملك الكلمة العليا في المنطقة، حتى فوق رؤوس القادة أنفسهم.

الرسالة الثانية تتعلق بفرض واقع جديد، يُخرج القمم العربية والإسلامية من إطارها السياسي إلى دائرة العجز. فبدل أن تكون القمة منصة لوضع حلول لمجازر غزة أو لمخططات التقسيم في المنطقة، ستتحول إلى مسرح دموي يشل إرادة الزعماء ويدفعهم إلى الارتباك.

أما الرسالة الثالثة فهي موجهة إلى الداخل الإسرائيلي: أن نتنياهو لا يزال الرجل القادر على الضرب بلا قيود، وأنه وحده الذي يحمي إسرائيل عبر “مهاجمة الأعداء حتى في معاقلهم”.

ثالثًا: المحرمات التي كُسرت بعد طوفان الأقصى

لقد كان مجرد التفكير في مثل هذا السيناريو يُعد ضربًا من الخيال السياسي قبل طوفان الأقصى. فمن كان يتصور أن تُقصف بيروت أو دمشق أو طهران أو حتى الدوحة وصنعاء؟

من كان يتخيل أن تمتد يد إسرائيل لتطال البعثات الدبلوماسية، أو أن تجرؤ على استهداف القصور الرئاسية ومقرات رئاسات الأركان؟

لكن الواقع بعد الطوفان أثبت أن المحرمات التي كانت تُعتبر ثابتة في القانون الدولي سقطت واحدًا تلو الآخر. وهذا بالضبط ما يجعل سؤال “ماذا لو قصفت إسرائيل القمة العربية الإسلامية؟” سؤالًا مشروعًا، مهما بدا صادمًا أو جنونيًا.

رابعًا: ردود الفعل الفورية

في حال وقع القصف، ستكون الصدمة الأولى في الدوحة، التي ستجد نفسها فجأة في قلب مواجهة لم تختَرها. الرد القطري المتوقع سيكون عبر تحريك الدبلوماسية الدولية، واللجوء إلى مجلس الأمن، مع تحميل إسرائيل كامل المسؤولية عن “عمل إرهابي ضد سيادة الدول”.

الدول العربية والإسلامية الأخرى ستنقسم في ردود فعلها. فهناك من سيطالب بالتصعيد العسكري الفوري، وهناك من سيكتفي بالإدانة اللفظية.

لكن الشارع العربي والإسلامي لن يقبل بأي رد باهت، وسيخرج بموجات غضب قد تتحول إلى ضغط مباشر على الأنظمة، وربما إلى مظاهرات مليونية تهتف بسقوط كل من يساوم أو يتواطأ.⸻

خامسًا: موقف أمريكا وترامب

السؤال الأبرز: ماذا عن واشنطن؟ هل ستقف مكتوفة الأيدي وهي ترى القمة التي يُفترض أن ترامب يباركها تُقصف؟ التجربة التاريخية تقول إن الولايات المتحدة قد تحاول “التبرير” أو “التخفيف”، بالقول إن الهجوم كان “خطأ استخباراتي” أو “ضربة محدودة غير مقصودة”.

لكن الحقيقة أن مثل هذا السيناريو سيكشف زيف التعهدات الأمريكية، ويضع ترامب أمام اختبار تاريخي. فإذا تخلى عن القادة في لحظة كهذه، فلن يثق أحد في وعوده مستقبلًا.

وسيكون الثمن الاستراتيجي باهظًا، ليس فقط على مستوى العلاقة مع العرب والمسلمين، بل أيضًا على صورة واشنطن كقوة ضامنة للنظام الدولي.

سادسًا: التداعيات الاستراتيجية المحتملة

لو وقع هذا السيناريو الجنوني، فإن أول تداعياته سيكون انهيار الثقة بين الأنظمة العربية والإسلامية وبين إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة.

وسيتولد شعور عارم بضرورة البحث عن بدائل جديدة للأمن الجماعي، ربما عبر تقارب أكبر مع تركيا أو إيران أو حتى الصين وروسيا.

كما أن القمم المقبلة لن تكون كما كانت من قبل. إذ سيصبح من المستحيل عقد اجتماعات بهذا الحجم من دون ترتيبات أمنية غير مسبوقة، وربما يتحول بعضها إلى صيغ افتراضية لتجنب المخاطر.

أما إسرائيل، فستكون قد أطلقت الرصاصة الأخيرة في شرعية وجودها الإقليمي. فبعد استهدافها للشعوب في غزة ولبنان وسوريا، سيكون استهداف قادة الأمة بمثابة إعلان حرب شاملة على الإسلام والعرب معًا، ما قد يفتح الباب أمام موجة مقاومة لا يمكن السيطرة عليها، ويجعل كل عاصمة عربية وإسلامية تعتبر نفسها مستهدفة مباشرة.

خاتمة: الدرس من سيناريو الجنون

قد يبدو الحديث عن قصف إسرائيلي للقمة العربية الإسلامية في الدوحة ضربًا من الخيال، لكنه خيال يكشف حقيقة مرة: أن الأمة كلها باتت تعيش في دائرة الخطر الإسرائيلي الأمريكي، وأن التعويل على التعهدات الخارجية، وخاصة من ترامب، لن يحمي القادة ولا الشعوب.

هذا السيناريو المظلم يقول لنا إن على الأمة أن تُعدّ نفسها لليوم الذي تُكسر فيه كل المحرمات، وأن حماية القادة لا تكون إلا بحماية الشعوب لهم، وبإرادة سياسية جماعية تجعل أي عدوان ثمنه باهظًا على المعتدي.

إنها دعوة لليقظة قبل أن يصل جنون نتنياهو إلى حد إحراق المنطقة، وعندها لن تنفع الندامة، ولن يكون هناك عودة إلى الوراء

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى