هآرتس: صدمات غزة تدفع آلاف الجنود الإسرائيليين لترك الخدمة ومحاولات الانتحار تتزايد
كشفت صحيفة هآرتس العبرية، في تحقيق موسع استغرق عدة أشهر، أن آلاف الجنود الإسرائيليين النظاميين تركوا الخدمة منذ بداية الحرب على غزة بسبب الصدمات النفسية وأعراض ما بعد الصدمة، وأن جزءًا كبيرًا منهم خرج من الجيش إلى غير رجعة.
شهادات صادمة من الجنود
روى جنود للصحيفة تجاربهم مع الضغط النفسي الشديد والإرهاق، إضافة إلى ما وصفوه بـ”صحوة الضمير” بعد المشاركة في عمليات قتل مدنيين.
- جندي من لواء ناحال، قُدِّم باسم “يوني”، تحدث عن حادثة أطلق فيها النار على امرأة وطفليها في بيت لاهيا بعدما اعتقد أن هجومًا يجري. وقال: “كان الدم يملأ المكان.. ملامحهم تقض مضجعي حتى اليوم”.
- قناص آخر يُدعى “بيني” أكد أنه كان يطلق يوميًا بين 50 و60 رصاصة على مدنيين اجتازوا خطوطًا وهمية وضعها الجيش، معترفًا: “قتلت كثيرين.. كثيرًا من الأطفال”، مضيفًا أنه بات يعاني كوابيس ويتبول لا إراديًا بسبب الصدمة.
- جندي ثالث، “آهارون”، وصف انهياره النفسي بعد انفجار عرضي في بيت حانون: “أصبحت ألوذ بغرفتي وأبكي.. لم أفهم ما اعترى جسدي”. وعندما طلب نقله لوظيفة غير قتالية، سخر منه ضابط الصحة النفسية: “هل تريد خيانة إسرائيل؟”
آلاف المسرحين وتلاعب بالبيانات
بحسب مصادر في إدارة الموارد البشرية، فإن عدد المتضررين النفسيين أكبر بكثير مما يعلنه الجيش. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الجنود نُقلوا إلى أدوار لوجستية أو دعم خلفي، لكن الآلاف سُرّحوا بالكامل بسبب تدهور صحتهم العقلية.
كما لفتت الصحيفة إلى أن الجيش يتلكأ في كشف البيانات، ويتعمد تأخير نشر الأرقام الحقيقية تحت ذريعة جمع المعلومات، وهو ما اعتبرته هآرتس انتهاكًا للقانون.
محاولات انتحار وانهيار داخلي
وثقت الصحيفة ست محاولات انتحار لجنود خلال العام الماضي وحده، جميعها انتهت بالتسريح من الخدمة. وأشارت إلى أن الأعداد الحقيقية غير معلنة، لكن مصادر عسكرية وصفتها بـ”المذهلة”.
وذكرت أن رئيس إدارة الصحة العقلية في الجيش الإسرائيلي أقر في يوليو/ تموز الماضي بإعفاء 1135 جنديًا من النظاميين والاحتياط بسبب أعراض ما بعد الصدمة، لكن التحقيق يؤكد أن الرقم أدنى بكثير من الواقع.
ومن الحالات المأساوية، ضابط في سلاح الهندسة خدم بجنوب غزة كتب لعائلته: “لقد حدث أمر غير عادي في غزة. أنا بخير ولا تقلقوا”، قبل أن يفجر قنبلة يدوية في نفسه في اليوم التالي، واختار الجيش عدم نشر اسمه.
أزمة غير مسبوقة في صفوف الجيش
خلصت الصحيفة إلى أن حجم الانهيارات النفسية والانسحابات من الخدمة غير مسبوق في تاريخ الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أن قادة ميدانيين يصرون على الزج بجنود مضطربين نفسيًا في المعارك، رغم خطورة ذلك على وحداتهم وعلى المجتمع الإسرائيلي ككل.
