
سيلان المبادرات والأفكار التي يتبناها بعض المفكرين والدبلوماسيين العرب لحل الصراع العربي / الصهيوني ، وخاصة آعضاء ” نادي كوبنهاجن ” وورثتهم المطبعين بلا سبب ، لا تزيد عن كونها صب نفس الخمر في قوارير مختلفة ، وقد تكون في أحسن الحالات مجرد “فائض إحتراف ” من أكاديميين آو بالأحري آشباه أكاديميين ، وذلك حين تتغلب المهنة الأصلية في الشكل علي جوهرها والهدف منها .
وذلك لا يجوز في القضايا الكبري ، حتي ولو خاض فيه بعض مخضرمي الدبلوماسية العرب ، بل إنه نفس مسار الكامب وأوسلو ووادي عربة الذي أفرغ ” أكتوبر ” من محتواه ، ومنح المشروع الصهيوني مساحة أخري للمناورة .
المشروع الصهيوني بالنسبة لي هو آخر مظاهر الأبارتيد علي مستوي دولة ، وكي يحل أي سلام له معني لابد من مواصلة الكفاح لتفكيك ” الصهيونية ” كنظام عنصري حاكم في فلسطين ، والتوصل إلي صيغة شبيهة بما حدث في جنوب إفريقيا مع بعض التعديلات التي تساير بعض معطيات الواقع .
مشروع ” إيجال آلون ” كان في جوهره تثقيب الضفة الغربية إلي كانتونات محاصرة مع تنفيذ خطة الترانسفير علي مهل، توطئة لقفزة أكبر تلتهم المزيد من الأراضي العربية بحجج سابقة التجهيز ، بنفس اسلوب هتلر وجوبلز في إصطناع الذرائع للتمدد في إفتتاحية الحرب العالمية الثانية ، حيث لم يدرك قادة الغرب خطته إلا بعد أن التهم بالفعل دولتين دون أن يطلق طلقة نار واحدة ، أو بإشتباكات محدودة ، ثم اندفع فيما بعد وقد خلع القناع كي يلتهم بولندا …أننا قبالة نفس النهج التدريجي ، وإن كان بمساحات زمنية أطول ..وإذا كانت دبلوماسية كيسنجر في الشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر اتخذت أسلوب ” الخطوة خطوة ” ، فأن الكيان الصهيوني يتمثل نفس المنهج كي يحقق أحلامه التوسعية الإستعمارية .
لقد كررت منذ البداية إبداء اعتراضي علي مجرد إظهار أي موافقة علي نقل السكان تحت اي حجة حين خرج بعض الدبلوماسيين والأكاديميين في برنامج حواري كي يعرضوا فكرة نقل سكان غزة في صحراء النقب ، ووصفت ذلك بأنه جريمة حرب ، كما اعترضت كذلك علي الإستخدام المشبوه لدينا والذي تبعه الغرب فورا في الحديث عن تهجير ” قسري” ، لأن ذلك يعني عدم معارضة التهجير ” الطوعي ” !..
لذلك قد يحسن أن يصمت الخبراء الإستراتيجيون الذين تزايدوا مؤخرا بشكل اميبي ، وأن يكفوا عن إختراع حلول لا يجرؤ عليها غلاة الصهاينة ، لأن الحالة تتحول تدريجيا من ” فائض” إحتراف ، إلي ” فرط ” إحتراف مؤذي .
ورغم أن بعض كهنة معبد ” كوبنهاجن ” قد آعلنوا الإعتذار علانية ، وتابوا وأنابوا ، إلا أن ما تبقي منهم لا يزال ينشر آوهامه حول معانقة العدو كي يختنق من الحب والتطبيع .. وهؤلاء ربما يحسنون صنعاً لو لحقوا المعتذرين التائبين ، لأن الموقف الحالي لا يتحمل المزيد من الإرتباك .. ولا أزيد علي ذلك حالياً …