طارق وهبي لـ”أخبار الغد”: احتجاجات فرنسا رسالة غضب شعبية تتجاوز الميزانية إلى أزمة ثقة بالحكومة
في تصريح خاص لـ”أخبار الغد”، اعتبر الدكتور طارق وهبي، المحلل السياسي الفرنسي، أن الاحتجاجات والإضرابات التي تشهدها فرنسا اليوم، الخميس 18 سبتمبر 2025، تمثل “واحدة من أكبر موجات الغضب الشعبي منذ عام 2023″، وتكشف عن عمق الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.
وأوضح وهبي أن مشروع ميزانية 2026 الذي أعدته حكومة رئيس الوزراء الجديد سيباستيان ليكورنو شكّل الشرارة الأساسية لهذه المظاهرات، لأنه تضمن إجراءات تقشفية واسعة أثارت مخاوف النقابات والطبقات الوسطى والفقيرة من تأثيرها المباشر على الخدمات العامة وحياة المواطنين.
وأضاف أن هذه التحركات لا يمكن فصلها عن حالة عدم الاستقرار السياسي المستمرة منذ يونيو 2024، حيث تعاقبت أربع حكومات متتالية قبل تعيين ليكورنو، وهو ما يعكس “أزمة ثقة عميقة بين الشارع والحكومة”.
كما أشار إلى أن الغضب الشعبي ما زال متصاعداً بشأن قانون إصلاح المعاشات التقاعدية الذي يرفع سن التقاعد، رغم إدخال تعديلات عليه.
ولفت وهبي إلى أن مطالب المحتجين تتوزع بين “إلغاء مشروع الميزانية بالكامل”، و”زيادة الأجور لمواجهة التضخم”، و”فرض ضرائب عادلة على الأثرياء والشركات الكبرى”، فضلاً عن تحسين قطاعات التعليم والصحة والنقل العام.
وأشار إلى أن التداعيات على الأرض كانت واضحة، حيث تعطلت حركة النقل العام والسكك الحديدية، وأُعلن عن إضرابات في المطارات والمدارس والمستشفيات، فيما انتشرت قوات الأمن بأكثر من 80 ألف شرطي ودركي في مختلف المدن. ورغم الطابع السلمي لغالبية المظاهرات، شهدت بعض المناطق مواجهات محدودة بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وختم المحلل السياسي الفرنسي تصريحه بالتأكيد على أن هذه الاحتجاجات اكتسبت بعداً إنسانياً يتجاوز الداخل الفرنسي، حيث رفعت في الشوارع شعارات داعمة للقضية الفلسطينية وأغانٍ وطنية مؤيدة لغزة، بما يعكس “تضامن الشعب الفرنسي مع القضايا العادلة عالمياً”.
وأكد وهبي أن هذه التحركات الشعبية تمثل أول اختبار حقيقي لرئيس الوزراء ليكورنو، وتضع حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون أمام تحدٍ كبير لاستعادة الثقة واحتواء الغضب الشعبي.

