المغرب العربيتونس

رسالة الأستاذ راشد الغنوشي من معتقل المرناقية الى كل الأحرار

سجن المرناڤية – 10 نوفمبر 2025

إلى كل الأحرار، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أودّ أن أوجّه مجموعة من الرسائل وأنا أخوض هذا الإضراب. ورغم أن وضعي الصحي لا يتحمل إضرابًا عن الطعام بسبب الأدوية التي أتناولها لعلاج عديد الأمراض، فإنّه لما بلغني أن جوهر ينزف دمًا، كان لا بدّ أن أقوم بواجبي في دعمه وتوجيه رسالة تضامن، مفادها: أنك يا جوهر لست وحدك.

جوهر ليس مناضلًا إسلاميًا، لكنه مناضل مخلص من أجل الحرية والكرامة، نشأ في عائلة مناضلة وذات تضحيات، هي عائلة الحزڤي. فوددتُ أن أوجّه رسالة إليه، وإلى والده صديقي المناضل عزّ الدين الحزڤي، وشقيقته المناضلة الأستاذة دليلة، ورسالة إلى سائر الأوساط السياسية من إسلاميين وقوميين وليبراليين ويساريين، بأن هناك قضية أكبر من الخلافات الأيديولوجية، وهي قضية الحرية التي تعنينا جميعًا في تونس.

إنّ خلافات اليوم هي ميراث صراعات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وقد آن الأوان لطيّ صفحتها، فقد مرّ نصف قرن على تلك المرحلة، وشابَ فيها رأس من كان شابًا، ولا ينبغي اليوم أن نواصل طريق التيه والصراعات.

تونس في خطر ما دام مناضل شريف مثل جوهر بن مبارك ينزف دمًا ويموت أمام “بصرنا” من معتقله، بعد محاكمات صورية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الاستقلالية والعدالة.

هي رسالة إلى كل إخواننا المناضلين من مختلف التيارات والاتجاهات: تونس تناديكم لطيّ ملف الصراعات والتجنّد للدفاع عنها.

وهي رسالة إلى الوسط الإسلامي داخل البلاد وخارجها: إنّ إسلاميي تونس قد تجاوزوا الصراعات الأيديولوجية حين رأوا الوطن والثورة يُصادران، والحرية تُنتهك.

إنّ الإسلام في خطابه الأساسي يقول: “يا أيها الناس”، وفي خطابه الخاص: “يا قومي”، كما كان خطاب الأنبياء عليهم السلام إلى أقوامهم دعوةً إلى جمع الكلمة ووحدة الصف.

وأقول هنا بكل المعاني الوطنية والإسلامية والإنسانية: إنّ الصمت على القتل البطيء الذي يُمارس على المناضلين ليس مقبولًا لا بالأمس ولا اليوم، وهو للأسف أشد نكالًا.

نحن ليست لنا مشكلة مع الإنسان الحر، بل المشكلة، في هذه البلاد خاصة، وفي الوطن العربي والإنساني عامة، هي غياب الحرية وانعدام الديمقراطية.

ومادام جوهر بن مبارك وعصام الشابي يموتان أمام أنظار ملايين الناس، ويُنكل بهما وغيرهما في السجون، فهذا يدلّ على أننا إزاء ثورة مضادة لثورة الحرية والكرامة – ثورة 17 ديسمبر/14 جانفي – وإن رفعت شعارات زائفة تكذبها حالة جوهر وعصام وسائر المناضلين وعائلاتهم.

الحرية للجميع، لا مكان فيها للإقصاء.
الحرية لبلادنا ولكل البلاد.

عاشت تونس حرّة عادلة للجميع، والسلام عليكم جميعًا أيها المناضلون من أجل الحرية من مختلف مواقعكم، والسلام على عالمٍ حرٍّ للجميع.

أخوكم: راشد الغنوشي
معتقل المرناڤية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى