ملفات وتقارير

ذكرى وفاة المشير محمد حسين طنطاوي.. بين رجل الدولة ورجل الجدل

تحل اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025 الذكرى الرابعة لوفاة المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع المصري الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي رحل في مثل هذا اليوم من عام 2021 عن عمر ناهز 85 عامًا، بعد مسيرة طويلة امتدت لأكثر من نصف قرن داخل المؤسسة العسكرية، لتترك إرثًا متباينًا ما بين التقدير والانتقاد.

البدايات والمسيرة العسكرية

وُلد طنطاوي في 31 أكتوبر 1935 بحي عابدين الشعبي في قلب القاهرة. التحق بالكلية الحربية وتخرج عام 1956، ليبدأ مشوارًا عسكريًا طويلاً. شارك في حرب السويس (1956) ضد العدوان الثلاثي، ثم أُرسل ضمن القوات المصرية إلى اليمن في ستينيات القرن الماضي، كما كان شاهدًا على هزيمة يونيو 1967.
وخلال حرب الاستنزاف، شارك في عدد من العمليات على الجبهة، إلى أن جاء نصر أكتوبر 1973، حيث كان يقود كتيبة مشاة عبرت قناة السويس وشاركت في تثبيت رؤوس الكباري، وهو ما أكسبه تقديرًا عسكريًا رفع من مكانته داخل الجيش المصري.

أطول فترة لوزير دفاع في مصر

في عام 1991، أصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك قرارًا بتعيينه وزيرًا للدفاع والإنتاج الحربي وقائدًا عامًا للقوات المسلحة، وهو المنصب الذي احتفظ به أكثر من عشرين عامًا، ليكون بذلك صاحب أطول فترة في وزارة الدفاع الحديثة.
وخلال هذه الفترة، حصل طنطاوي على أرفع الأوسمة والنياشين، كما ارتبط اسمه بمرحلة من الاستقرار النسبي داخل المؤسسة العسكرية، مع تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، خاصة مع الولايات المتحدة.

الثورة والمرحلة الانتقالية

كان الحدث الأبرز في مسيرة طنطاوي السياسية هو توليه رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد تنحي مبارك في 11 فبراير 2011. فقد أصبح الرجل الأول في مصر، يقود المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة، وسط آمال شعبية كبيرة في التغيير.
إلا أن هذه المرحلة سرعان ما تحولت إلى موضع جدل كبير؛ حيث اتهمته قوى شبابية وسياسية بالبطء في الاستجابة لمطالب الثورة، وبالإبقاء على القبضة الأمنية، فضلاً عن المحاكمات العسكرية للمدنيين. في المقابل، اعتبره أنصاره “صمام أمان” حال دون انهيار مؤسسات الدولة، وحافظ على كيان الجيش وسط حالة من الفوضى.

نهاية المشوار وخروجه من السلطة

في صيف 2012، أصدر الرئيس الراحل محمد مرسي قرارًا بإعفاء المشير طنطاوي من منصبه وزيرًا للدفاع، وتكريمه بعد منحه قلادة النيل العظمى، ليخرج من المشهد السياسي بهدوء، مكتفيًا بسنوات طويلة من الخدمة العسكرية والسياسية.

إرث مثير للجدل

إرث المشير طنطاوي يظل موضع خلاف حتى اليوم؛ فبينما يرى قطاع واسع من المصريين أنه أحد رموز المؤسسة العسكرية، شارك في كل حروب مصر، وحافظ على استقرار الدولة في لحظة فارقة، يرى آخرون أن إدارته للمرحلة الانتقالية لم ترتقِ إلى طموحات ثورة يناير، وأنه ساهم – بقصد أو بدون قصد – في إجهاض كثير من مطالبها.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن طنطاوي يمثل صفحة مهمة من صفحات التاريخ المصري الحديث، بإنجازاته العسكرية من ناحية، وبجدل المرحلة الانتقالية من ناحية أخرى.

ذكرى تتجدد

في ذكرى وفاته الرابعة، تتجدد النقاشات حول شخصيته وإرثه، ليس فقط كقائد عسكري بارز، بل كرمز لمرحلة انتقالية ستبقى علامات الاستفهام تحيط بها لسنوات قادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى