لوموند : نشر السفن الأمريكية واتهامات بـحرب غير معلنة ما الذي يحدث بين الولايات المتحدة وفنزويلا؟

تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا تصعيدًا خطيرًا منذ مطلع سبتمبر، بعدما دمرت القوات الأمريكية عدة قوارب قبالة السواحل الفنزويلية، ما أسفر عن مقتل 14 شخصًا. وردّت كاراكاس بإطلاق مناورات عسكرية واسعة، واصفة ما يجري بأنه «حرب غير معلنة».
ضربات أمريكية مثيرة للجدل
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن قواته نفذت ثلاث ضربات استهدفت قوارب «مهربين»، بينهم ما وصفهم بـ«إرهابيي مخدرات»، مشيرًا إلى مقتل 11 شخصًا في الضربة الأولى مطلع سبتمبر، وثلاثة آخرين مؤخرًا. إلا أن خبراء دوليين اعتبروا هذه العمليات «رخصة قتل» خارج القانون، وأثاروا تساؤلات حول شرعيتها.
انتشار عسكري أمريكي في الكاريبي
واشنطن أعلنت أن الهدف هو «مكافحة المخدرات»، فدفعت بسبع سفن حربية إلى الكاريبي وسفينة أخرى إلى المحيط الهادئ، إضافة إلى نشر مقاتلات F-35 في بورتوريكو. وتتهم الولايات المتحدة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بقيادة شبكة تهريب كبرى تُعرف بـ«كارتل دي سوليس»، وعرضت مكافأة قدرها 50 مليون دولار للقبض عليه.
ردّ فنزويلي: مناورات عسكرية وتحشيد مدني
اعتبرت حكومة مادورو الوجود الأمريكي «تهديدًا مباشرًا لتغيير النظام»، فأطلقت مناورات في جزيرة لا أورشيلا بمشاركة 2500 جندي، 12 سفينة، مقاتلات سوخوي، مدرعات صينية، ومدفعية ورادارات روسية. وأعلن وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز: «ما يجري هو حرب غير معلنة… أُعدم أشخاص في الكاريبي دون حق الدفاع عن أنفسهم».
في موازاة ذلك، أعلن مادورو بدء برنامج لتدريب المدنيين على السلاح داخل الأحياء الشعبية، عبر وحدات «الميليشيا» المكونة من متطوعين، في سابقة تهدف إلى إشراك السكان مباشرة في الاستعداد العسكري.
دعوات إلى الأمم المتحدة
المدعي العام الفنزويلي طارق وليام صعب وصف الضربات الأمريكية بأنها «جرائم ضد الإنسانية»، وطالب بتحقيق عاجل من الأمم المتحدة. كما دعا وزير الخارجية إيفان جيل مجلس الأمن الدولي إلى وقف «العمليات العسكرية الأمريكية في الكاريبي»، معتبرًا أنها تهدف إلى بث الرعب بين المدنيين.
قلق إقليمي
الانتقادات لم تأت من كاراكاس وحدها، إذ وصفت كولومبيا – أحد أقدم حلفاء واشنطن في المنطقة – الانتشار الأمريكي بأنه «مبالغ فيه وغير متناسب»، محذّرة من إمكانية أن يؤدي إلى تدخل عسكري واسع. وزيرة الخارجية الكولومبية روزا فيلافيسنسيو شددت على أن «أي مشتبه به يجب أن يُقبض عليه لا أن يُقتل»، معتبرة أن الأسلوب الأمريكي يفتقد الشرعية القانونية.
الأزمة بين واشنطن وكاراكاس تتجاوز ملف المخدرات لتكشف عن مواجهة استراتيجية أوسع. بينما تتحدث أمريكا عن «مكافحة العصابات»، ترى فنزويلا أنها «حرب لتغيير النظام». ومع دخول الأمم المتحدة وكولومبيا على خط الانتقادات، تبدو المنطقة أمام مرحلة حساسة قد تشهد مزيدًا من التصعيد.