
الأمة الإسلامية تعيش اليوم لحظة فارقة في تاريخها؛ لحظة امتزج فيها الدم بالدمع، والقرآن بالميدان، والعبادة بالجهاد.
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في طوفان الأقصى أن القرآن الكريم ليس كتاب تلاوة فحسب، بل كتاب حياة، ومنهج نهضة، ودستور مقاومة. فما وقع في فلسطين لم يكن مجرد عمل عسكري أو سياسي، بل كان صرخة إيمانية تستمد جذورها من طوفان القرآن في القلوب، وتعلن للعالم أن هذه الأمة يمكن أن تنهض من جديد حين تعود إلى ربها وكتابه.
“القرآن الكريم أساس النهضة والتمكين”
القرآن الكريم هو كتاب الله الذي أنزله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. وقد صنع في الجيل الأول رجالاً ونساءً حملوا الرسالة بصدق، فأسقطوا عروش كسرى وقيصر، وأقاموا حضارةً ملأت الدنيا نوراً وعدلاً.
القرآن هو مصدر الإيمان العميق الذي لا تهزه الشدائد.
وهو المعين التربوي الذي يصنع الفرد الرسالي المصلح.
وهو المنهج العملي الذي يوجه الأمة في عباداتها، وعلاقاتها، وجهادها، وسياساتها.
إن عودة الأمة إلى القرآن ليست ترفاً ولا خياراً إضافياً، بل هي الشرط الأول لنهضتها وبقائها.
“طوفان الأقصى ثمرة من ثمار التربية القرآنية”
حينما انطلقت ملحمة طوفان الأقصى لم تكن وليدة فراغ، بل كانت ثمرة إيمان عميق تشرّبته القلوب من القرآن الكريم.
المقاتل الذي يواجه الدبابة بلا خوف هو ابن القرآن.
والأم التي تزغرد لولدها الشهيد هي ثمرة التربية القرآنية.
والشباب الذين يضحون بالغالي والنفيس إنما يستمدون صمودهم من قوله تعالى: “قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ” (التوبة:52).
لقد فجّر طوفان الأقصى في الأمة شعوراً جديداً بالكرامة والعزة، وذكّرها أن تحرير الأقصى ليس حلماً بعيداً، بل وعد رباني، إذا تحقق شرطه: العودة إلى القرآن والجهاد في سبيل الله.
“الطريق إلى إعادة نهضة الأمة”
إن ما حدث في فلسطين كشف بوضوح أن نهضة الأمة ليست بعيدة المنال. لكن لها شروطاً:
1- التربية القرآنية: أن يتربى الجيل على القرآن تلاوةً وفهماً وعملاً.
2- الوحدة على العقيدة: فالأمة تنهض إذا اجتمعت على كلمة التوحيد.
3- الوعي بالعدو: إدراك أن المشروع الصهيوني والاستعماري يستهدف القرآن قبل أن يستهدف الأرض.
4- الجهاد والمقاومة: فهي الوسيلة العملية لصيانة الكرامة وحماية المقدسات.
5- العمل الحضاري الشامل: في التعليم، والاقتصاد، والإعلام، والسياسة، ليكون القرآن حاكماً في كل جوانب الحياة.
“دعوة كريمة ومباركة”
بعد أيام تحل علينا ذكرى طوفان الأقصى “الثانية”، وبهذه المناسبة العظيمة ادعو كل القراء والمتابعين رجالا ونساء كبارا وصغارا إلى المشاركة الواسعة فى العرس القرآنى الضخم الذى ينظمه وقف أنوار القرآن بمشاركة مئات الحفاظ حول العالم .
ندعوكم للحضور إلى مسجد الفاتح فى اسطنبول يوم الثانى عشر من أكتوبر لتعيشوا مع صفوة الحفاظ فى سرد المصحف كاملا من الفجر إلى العشاء.
هذه الفعالية التى تقام دعمًا لأهلنا فى غزة وإحياءً لذكرى طوفانها فمن طوفان القرآن انفجر طوفان الآقصى.
من طوفان القرآن الذي يفيض بالإيمان واليقين، إلى طوفان الأقصى الذي فجّر الميدان، يتضح الطريق نحو نهضة الأمة. ليس الطريق سهلاً ولا قصيراً، لكنه طريق واضح: العودة الصادقة إلى القرآن، ثم العمل والبذل والجهاد.
وإذا حملت الأمة كتاب ربها بصدق، فلن يقف في وجهها طغيان، ولن تطفئ نورها قوة، مصداقاً لقوله تعالى: “يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ” (الصف:8).
إنها رسالة لكل مسلم ومسلمة: عودوا إلى القرآن.. تفيض عليكم الطوفانات المباركة، وتنهض بكم الأمة من جديد.
خالص الشكر والتقدير والاحترام لوقف أنوار القرآن والعاملين عليه، وتقبل الله منا ومنكم.