العالم العربي

صحيفة إلكوفيندثيال : “فرار مذهل” للجنرال الجزائري ناصر الجن إلى إسبانيا

أكدت صحيفة “إلكوفيندثيال” الإسبانية ما وصفته بـ”الفرار المذهل” للجنرال عبد القادر حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، المدير السابق للأمن الداخلي الجزائري، إلى إسبانيا.

تفاصيل عملية الفرار

ونقل الصحافي الإسباني المتخصص في الشؤون المغاربية إيغناسيو سومبريرو، عن مهاجرين جزائريين ومصادر من الحكومة المحلية في مقاطعة أليكانتي (جنوب إسبانيا)، أن الجنرال ناصر الجن تمكن ليل 18 – صباح 19 سبتمبر/أيلول الجاري من التحايل على الحراسة المفروضة عليه، وفر من الساحل الجزائري إلى الساحل الإسباني على متن قارب سريع بطريقة مشابهة للمهاجرين السريين (الحراقة)، ليصل إلى ساحل كوستا بلانكا في أليكانتي.

وحسب التقرير، فإن الجنرال لدى وصوله قال إنه اتخذ قرار الهرب لأنه كان يعلم أنه سيُقتل قبل المثول أمام القاضي، مضيفًا أن وفاته كانت ستُقدَّم على أنها “انتحار”.

خلفيات ومعطيات سابقة

أوضح التقرير أن عبد القادر حداد يعرف إسبانيا جيدًا، حيث يمتلك عقارات هناك، وكان قد لجأ إلى المنفى في أليكانتي نهاية العقد الماضي، هربًا من عمليات التطهير التي قادها الفريق أحمد قايد صالح بعد الإطاحة بالجنرال محمد مدين (توفيق) عام 2015 وتفكيك جهاز الاستعلامات والأمن (DRS).

وأشار إلى أن سقوط حداد مرتبط بفتحه تحقيقات في ملفات فساد شملت مقربين من السلطة، وهو ما اعتبره بعض المراقبين تهديدًا لمصالح نافذة.

إسبانيا ملجأ للعسكريين الجزائريين

ولفت التقرير إلى أن إسبانيا تُعد وجهة مفضلة للعديد من العسكريين والسياسيين الجزائريين لشراء العقارات واللجوء عند الأزمات، مستشهدًا بحالة الجنرال خالد نزار الذي استقر في برشلونة عام 2019 قبل أن يعود إلى الجزائر بعد وفاة قايد صالح. كما ذكّر بحوادث غامضة طالت منفيين آخرين مثل العقيد عمر بن شعيد وابنه اللذين توفيا دهسًا بقطار في أليكانتي عام 2001.

وأضاف التقرير أن السلطات الإسبانية لم تسلّم عادةً الضباط الكبار للجزائر، بخلاف بعض الجنود السابقين مثل محمد بن حليمة ومحمد عبد الله الذين جرى ترحيلهم في 2022 رغم إدانتهم عسكريًا في الجزائر.

انتشار أمني غير مسبوق في الجزائر

في السياق، ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن الجزائر العاصمة وضواحيها شهدت يومي 18 و19 سبتمبر/أيلول انتشارًا أمنيًا غير مسبوق منذ التسعينيات، مع إقامة حواجز وتفتيش مكثف للمركبات وطلعات مروحيات، في مشهد أوحى بعملية مطاردة لفار من العدالة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجنرال ناصر الجن كان قد سُجن أولًا في البليدة ثم بشار قبل وضعه تحت الإقامة الجبرية بأعالي العاصمة، غير أنه تمكن من الإفلات من مراقبيه.

صدمة في هرم السلطة

أثار اختفاء ناصر الجن “صدمة عنيفة” في هرم السلطة الجزائرية، ما استدعى اجتماعًا طارئًا للمجلس الأعلى للأمن، وسط حديث عن تواطؤ داخل الأجهزة الأمنية سمح بفراره.

ورأت لوموند أن عمليات التفتيش المكثفة تعكس ارتباكًا شديدًا داخل النظام، مؤكدة أن القضية حساسة لأن الجنرال يُعتبر “خزان أسرار” النخبة الحاكمة.

اضطرابات داخل الأجهزة الأمنية

أوضحت الصحيفة أن الحادثة تأتي في سياق سلسلة اضطرابات أطاحت بقيادات استخباراتية منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون للحكم، إذ تعاقب على رئاسة المخابرات الخارجية سبعة مسؤولين، وخمسة على الأمن الداخلي.

كما كشفت أن نحو 200 ضابط سامٍ يقبعون في السجون، بينهم حوالي 30 جنرالًا، في وقت أعاد النظام بعض الوجوه التي كانت مغضوبًا عليها مثل الجنرال عبد القادر آيت وعرابي (الجنرال حسان)، الذي خلف ناصر الجن بعد أن قضى سنوات في السجن العسكري.

اهتزاز توازنات النظام

خلصت لوموند إلى أن المنظومة الجزائرية تعيش على وقع انقسامات عميقة وصراعات أجنحة منذ تفكيك جهاز الاستخبارات القوي عام 2015، وهو ما زادته هشاشة الحراك الشعبي 2019–2020 وصعود المصالح الاقتصادية للأوليغارشية.

ونقلت عن الباحث علي بن سعد، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة باريس 8، أن جهاز الاستخبارات كان يمثل “نقطة توازن داخل الجيش والمجتمع”، ومع زواله فقدت المؤسسة العسكرية قدرتها على ضبط الأمور داخليًا، وباتت تعيش حالة عدم استقرار مزمن.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى