
الحكم اليوم بالسجن خمس سنوات على دكتور عبد الخالق فاروق … يجعل الإشاراتُ تلتبس في هذا الوطن، فتشيرُ الأسهمُ إلى “عدل” منتظر، بينما الطريقُ ينحدرُ إلى “الظلم” بعينه.
تُكتبُ كلمةُ “الحق” على اللافتة، لكنّ القافلة تمضي إلى حيثُ يُسجنُ العُقلاء والعلماء ويكرَّمُ الجهلة.
أعرف الدكتور عبد الخالق فاروق منذ ٣٨ عاما عندما تعاونا معا في مركز الوفد للدراسات السياسية والإستراتيجية، وكانت مجموعة الباحثين تضم الأستاذ أحمد النجار وعبد الفتاح الجبالي وعماد جاد وأحمد المسلماني وخالد صلاح وآخرين، وكان عبد الخالق فاروق تحديداً معنيًا بقضايا الفساد الهيكلي في الاقتصاد المصري، شجاعاً في مواجهته في كل أبحاثه.
الحكمُ على الدكتور عبد الخالق فاروق بخمسِ سنين، دون أن يُسمع لصوتِ دفاعٍ، ولا تُفتحُ أوراقُ قضيّةٍ أمام أصحابها، ليس حكمًا على رجلٍ محترم بعينه، بل هو تأشيرٌ خاطئٌ في طريقِ العدالة، إشارةٌ حمراءُ في وجهِ من قالَ: “هذا الوطن يستحقّ أن يُحكم بالعقل لا بالفساد”.
كلُّ الطرقِ في مصر باتت مقلوبة، فالذي يزرعُ فكرًا يُدان، والذي يزرعُ خرابًا يُكافأ. ومنذ متى صار الحُلمُ جريمة، والحرفُ تهمة، والصمتُ ملاذًا وحيدًا للعقلاء؟
ليس الحكمُ ما يؤلم، بل غيابُ الضمير في ساحةِ الحكم. حين يُمنعُ الدفاعُ عن الحق، يُصبحُ الوطنُ متَّهَمًا لا المتَّهِم.
يا عبد الخالق، ليس في السجونِ ما يُطفئُ ضوءَ فكرٍ، ولا في القضبانِ ما يُخرسُ الوعي، فالتاريخُ لا يُكتَب بالأحكام، بل بالضمير الذي يرفضُ أن يسيرَ في الاتجاهِ الخاطئ.
وعندما تكونُ الإشارةُ الحمراءُ هي الخلاص، ويكونُ العبورُ عكسَ الخطِّ هو النجاة، فاعلم أن العدالةَ قد ضلّت طريقها، وأن الوطنَ يسيرُ — للأسف — في الاتجاهِ الخطأ.