
يثمّن حزب غد الثورة الليبرالي المصري الردّ الفلسطيني الأخير، الذي جاء متّزنًا ومسؤولًا، إذ عبّر عن استعدادٍ حقيقي لتبادل الأسرى ووقف نزيف الدم، دون أي تفريطٍ في السيادة الوطنية أو تنازلٍ عن الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني. لقد قدّم الفلسطينيون موقفًا وطنيًا يُظهر وعيًا استراتيجيًا يُوازن بين الانفتاح على المبادرات الإنسانية، والتمسّك الحازم بالثوابت التاريخية والقانونية.
يرى الحزب أن هذا الموقف يعكس ما يمكن تسميته بـ”الخطوة الفلسطينية الذكية”، التي أغلقت الباب أمام محاولات الالتفاف والمماطلة، ووضعت المجتمع الدولي أمام التزام واضح: إمّا الوقوف مع القانون الدولي، أو التواطؤ مع الاحتلال في استمرار الإبادة والتهجير.
إن قطاع غزة يواجه اليوم كارثة إنسانية غير مسبوقة: تدمير شبه كامل للبنية التحتية، سقوط عشرات الآلاف بين قتيل وجريح، واستهداف مباشر للمستشفيات والمدارس والمراكز المدنية. هذه الجرائم تشكّل خرقًا صارخًا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، وتُلقي بمسؤولية مباشرة على إسرائيل كقوة احتلال، وعلى الولايات المتحدة والدول الداعمة لها كطرفٍ متواطئ في استمرار هذه المأساة.
ويحذر الحزب من افتعال إسرائيل لأي أعمال عنف ضدها في ذكرى ٧ أكتوبر كمبرر لاستكمال عدوانها على الشعب الفلسطيني وإفساد ما تم إنجازه من اتفاق.
ويشدد الحزب على أن أي ترتيبات ستُفرض على غزة خارج إطار التوافق الوطني الفلسطيني، أو أي محاولة لإعادة إنتاج صيغة انتداب أو وصاية دولية، مرفوضة بشكل قاطع. غزة أرض فلسطينية محتلة، ولا يجوز تقرير مستقبلها إلا عبر قرار فلسطيني حر، منبثق من إرادة شعبها وإجماع قواها الوطنية.
يعتبر الحزب أن الردّ الفلسطيني يفتح نافذة لإمكانية البناء على ما طُرح دوليًا، شرط أن يُترجم ذلك إلى التزامات محددة وملزمة: وقف فوري لإطلاق النار، فتح ممرات إنسانية دائمة، إطلاق سراح الأسرى وفق ترتيبات متوازنة، ضمان تدفّق المساعدات بلا عراقيل، والشروع في إعادة إعمار غزة بآليات مدنية شفافة وبإشراف فلسطيني كامل.
ويدعو الحزب الأمم المتحدة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي إلى تحمّل مسؤولياتهم: إيداع التفاهمات رسميًا في سجلات الأمم المتحدة، تشكيل بعثات مراقبة وتحقيق ذات تفويض واضح، فرض إجراءات محاسبة على أي طرف يخرق الاتفاق، وضمان عدم استغلال الاحتلال لأي ثغرات لإعادة فرض سيطرته على غزة.
يرفض الحزب بشدة سياسات الاحتلال القائمة على التهجير القسري، والتجويع كسلاح حرب، والتدمير الشامل للمقدرات المدنية، ويؤكد أن الإفلات من العقاب يعني إعادة إنتاج الجريمة. ويطالب بإحالة هذه الانتهاكات إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويذكّر الحزب بأن أي خطة لا تُعالج جذور الصراع مصيرها الفشل. فالقضية ليست إدارة أزمة آنية، بل إنهاء احتلال مستمر منذ عقود، ووقف الاستيطان، والاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمان حق العودة والتعويض للاجئين، كركائز لا يمكن تجاوزها.
يشيد الحزب بحكمة الموقف الفلسطيني الذي جمع بين الثبات على الثوابت والمرونة التكتيكية لحماية المدنيين، ويرى أن وحدة الصف الفلسطيني هي الضمانة الكبرى لمواجهة المخططات التي تستهدف تصفية القضية. إن الوحدة ليست خيارًا ترفيًّا، بل ضرورة وجودية في هذه اللحظة التاريخية الحرجة.
كما يطالب الحزب الأنظمة العربية والإسلامية بالتوقف عن دعم صيغٍ تُراد بها تصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول استسلامية، والعودة إلى تبنّي مواقف تعكس وجدان شعوبها التي لم تتوقف يومًا عن اعتبار فلسطين قضيتها المركزية.
إنّ حزب غدّ الثورة الليبرالي المصري، إذ يعلن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني، يدعو المجتمع الدولي إلى الانتقال من دائرة الأقوال إلى دائرة الأفعال، عبر إجراءات عملية وملزمة توقف العدوان، ترفع الحصار، وتحمي المدنيين، وتعيد الاعتبار لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
حفظ الله فلسطين وأهلها الأحرار.
رئيس حزب غدّ الثورة الليبرالي المصري
د. أيمن نور
السبت 4 أكتوبر 2025م / 12 ربيع الآخر 1447هـ