شهدت إيطاليا، الجمعة 3 أكتوبر 2025، واحدة من أضخم موجات التضامن الشعبي مع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي، حيث خرج أكثر من مليوني شخص إلى الشوارع – بحسب تقديرات النقابات المنظمة – في أكثر من مئة مدينة إيطالية، تلبية لدعوة إضراب عام شلّ قطاعات واسعة من الخدمات الحيوية.

الإضراب يشلّ النقل والتعليم والخدمات

أعلنت كبرى النقابات العمالية في إيطاليا عن إضراب عام ليوم واحد دعماً لغزة، شارك فيه ملايين العمال والطلاب والمعلمين. وأدى الإضراب إلى تعطّل حركة القطارات بين المدن وتأخر المواصلات العامة، بالإضافة إلى إلغاء رحلات داخلية، وإغلاق مدارس وموانئ وخدمات بلدية.
وقالت النقابات في بيان إن هذه الخطوة تمثل “صرخة غضب إنسانية” ضد ما وصفته بـ”الإبادة الجماعية في غزة”، مؤكدين أن “الصمت لم يعد خياراً”.

مظاهرات مليونية في روما والمدن الكبرى

في العاصمة روما، قدّرت أوساط نقابية مشاركة ما يقارب 300 ألف متظاهر جابوا الشوارع الرئيسية حاملين الأعلام الفلسطينية ولافتات تدعو لوقف العدوان ورفع الحصار.
كما شهدت مدن كميلانو وفلورنسا ونابولي وتورينو مظاهرات مماثلة، رفعت خلالها شعارات “أوقفوا الحرب” و“الحرية لفلسطين”، في مشهد وصفته الصحف الإيطالية بأنه “الأضخم منذ سنوات”.

وخرج آلاف المحتجين كذلك في كوفيرتشانو، حيث يقع مركز تدريب المنتخب الإيطالي لكرة القدم، مطالبين بإلغاء المباراة الودية المقررة بين إيطاليا وإسرائيل، معتبرين أن “الرياضة لا يمكن أن تُستخدم لتبييض جرائم الحرب”.

الحكومة تهاجم الإضراب وتصفه بـ”غير القانوني”

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني انتقدت بشدة الإضراب والمظاهرات، واعتبرته “تحركاً سياسياً” يهدف لتعطيل الاقتصاد والإضرار بمصالح الإيطاليين. وقالت ميلوني إن “حرية التعبير مكفولة، لكن تحويلها إلى وسيلة لشَلّ البلاد أمر غير مقبول”.
كما وصفت حكومتها الإضراب بأنه “غير قانوني”، في محاولة للضغط على النقابات لوقف تحركات مماثلة.

ردود المعارضة والمجتمع المدني

المعارضة الإيطالية ردت باتهام الحكومة بمحاولة “إسكات التضامن الشعبي مع غزة”، مؤكدة أن المظاهرات عكست ضمير المجتمع الإيطالي. كما اعتبر ناشطون أن الإضراب نجح في “إجبار الحكومة على مواجهة الرأي العام”، بعد أن حاولت تقليل شأن التحركات المؤيدة لفلسطين في الأسابيع الماضية.

تغطية دولية واسعة

صحيفة واشنطن بوست عنونت تغطيتها: “مليونا شخص يتظاهرون في إيطاليا دعماً لغزة بينما يشل الإضراب الخدمات الأساسية”، مشيرة إلى أن المشهد تجاوز حدود التظاهر العادي إلى حركة عصيان مدني واسعة النطاق.
أما وكالة أسوشيتد برس فأكدت أن الاحتجاجات شملت أكثر من 100 مدينة، لافتة إلى مشاركة مئات الآلاف في العاصمة، إلى جانب حشود ضخمة في ميلانو وفلورنسا.
وقالت رويترز إن المظاهرات جاءت بالتزامن مع دعوات لمقاطعة مباراة المنتخب الإيطالي أمام إسرائيل، وأوضحت أن التحركات أعادت للأذهان إضرابات كبرى شهدتها البلاد في ثمانينيات القرن الماضي.
في حين اعتبرت فاينانشيال تايمز أن الإضراب “وجّه ضربة مباشرة للحكومة الإيطالية” التي تخشى تداعيات اقتصادية، بينما وصفت الجارديان الاحتجاجات بأنها “رسالة ضغط قوية على حكومة ميلوني التي تجد نفسها في مواجهة غضب شعبي متصاعد”.

سياق أوروبي متصاعد

وتأتي هذه التطورات في إطار موجة أوسع من التضامن الأوروبي مع غزة، إذ شهدت مدريد وبرلين وباريس احتجاجات متفرقة، لكنها لم تبلغ حجم وتنسيق التحركات الإيطالية، التي اعتُبرت الأضخم في القارة منذ بدء العدوان.

المصدر واشنطن بوست