
قد يظن البعض او يروج البعض الآخر ان الليبرالية لها موقف عدائي من فكرة مقاومة المحتل او ان هذه الحقوق استأثرت بها تيارات اليسار القومي او التيارات الدينية علي تنوعها ، وفي ظل ما يدور هذه الايام في غزة وجدوى المقاومة واهمية التفاوض سأتناول في هذا المقال حديثا عن الليبرالية وموقفها من المقاومة المسلحة للدفاع عن الأرض او للحفاظ على الحقوق بالإضافة إلى موقف الليبرالية من التفاوض،
كما ذكرت سابقا أن الليبرالية تقوم على مبدأ الحرية الفردية وحقوق الإنسان، وتعتبر الحرية والملكية الخاصة من الحقوق الطبيعية التي يجب للدولة حمايتها. ومن نفس هذا المنطلق، لا يمكن إهمال حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والهيمنة إذا ما تعرضت لاعتداء على أرضها وحقوقها.
ونحن نعلم أن القانون الدولي يؤكد أن المقاومة بكافة أشكالها حق مشروع للشعوب التي تقع تحت الاحتلال، وأن سلاحها شرعي ولا يمكن نزعه إلا بقيود صارمة، خاصة حين لا تتوفر وسائل أخرى لتحقيق تقرير المصير والدفاع عن الحقوق المشروعة وفي الحالة الفلسطينية مثلا هناك عشرات القرارات التي تتوافق مع القانون الدولي وأصدرتها مؤسسات ذات شرعية دوليه مثل الأمم المتحدة والمحاكم الدولية ولا تجد سبيلها للتطبيق وبالتالي فان حق المقاومة يشكل أحد أبعاد حق تقرير المصير المقاوم للاستعمار والاحتلال والتمييز العنصري.
وقد تبنت الليبرالية موقفا ايجابياً للغاية من فكرة التفاوض، فالليبرالية ترى في التفاوض أحد أدوات حل النزاعات وبناء السلام، لكنها تعتمد في ذلك على مبادئ العدالة، القانون الدولي، وحماية الحقوق الفردية والجماعية.
التفاوض الشريف يقوم على القبول بالآخر واحترام السيادة والمصالح المشروعة لكل طرف، ورفض منهج القوة كوسيلة وحيدة للوصول للمكتسبات المشروعة ، مع التأكيد على التعاون والمنفعة المتبادلة كقاعدة للعلاقات الدولية.
ولكن هذا التفاوض لا يعني التخلي عن حقوق الذات أو الاستسلام، ولا يلغي حق المقاومة المشروع إذا تم التعامل بظلم واضطهاد.
ولكي يتحقق التفاوض الفعال يجب ان تكون الأطراف قوية بمما يكفي لتحمي حقوقها، و ان يكون الهدف منه البناء على تفاهمات تحقق السلام والعدالة.
وللحديث عن العلاقة بين الليبرالية والمقاومة والتفاوض في الليبرالية، الحرية والكرامة وحماية الحقوق تأتي في المقام الأول، ما يعني أن المقاومة، خصوصاً في مواجهة الاستعمار والاحتلال أو الظلم، تُعتبر حقاً أساسياً له أساس في الفلسفة الليبرالية والقانون الدولي. بينما يشكل التفاوض طريقاً للتفاهم والحل السلمي، إلا أن عدم وجود التوازن في القوّة أو العدالة قد يجعل المقاومة ضرورية. لذا فإن الليبرالية تتمحور حول الحرية والحقوق، وتدعم آليات التفاوض والتعاون الدولي لكنها لا تعطّل حق الشعوب في المقاومة المشروعة دفاعاً عن وجودها وحقوقها.
وفي الحالة الفلسطينية يفشل هذا النموذج حتى الآن لأنه تحول من تبادل الأدوار بين تفاوض حركة فتح و مقاومة حركة حماس إلى صراع وصل لدرجة الاقتتال بين الجناحين الفلسطينيين بدلا من التكامل للوصول لتحرير التراب الوطني من محتل اجمع العالم علي ظلمه وتوحش جرائمة
في النموذج الفلسطيني نري الحل سيكمن في ان تكون المقاومة داعمة للتفاوض ولا تخونها وان التفاوض يكون داعما لحق المقاومة دون تهميش فالجرح الفلسطيني واحد والعدو لا رادع اخلاقي ولا قانوني ولا اممي له فلا سبيل إلا وحدة القوى الفلسطينية خلف حلمها و علمها الوطني