العالم العربيترجمات

ميدل إيست آي: سلطة انتقالية بلا سيادة.. وثيقة مسرّبة تكشف خطة توني بلير لتحويل غزة إلى شركة يديرها مجلس أعمال دولي

كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن وثيقة سرّية مكوّنة من 21 صفحة تتناول ملامح إدارة قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الجارية، وتشير إلى أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يقف وراء مبادرة لتأسيس سلطة انتقالية دولية تتولى الإشراف على القطاع لثلاث سنوات، في إطار مشروع يحمل اسم “سلطة غزة الدولية الانتقالية” أو “غيتا” (GITA).

الوثيقة، التي وصفتها الصحيفة بأنها “تحوّل غزة إلى شركة متعددة الجنسيات بلا سيادة حقيقية”، تضع مجلسًا من المليارديرات ورجال الأعمال الدوليين في قمة الهرم الإداري، بينما تترك الإدارة الفلسطينية في القاع بصلاحيات رمزية محدودة.

مجلس المليارديرات: السلطة السياسية العليا

بحسب الوثيقة، سيتم إدارة “غيتا” من قبل مجلس دولي يملك السلطة السياسية والقانونية العليا لغزة خلال المرحلة الانتقالية.
يتكوّن المجلس من 7 إلى 10 أعضاء، بينهم مسؤول رفيع في الأمم المتحدة مثل سيغريد كاج (المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط)، إضافة إلى “شخصيات دولية ذات خبرات مالية وتنفيذية”.

وقد طُرحت أسماء مارك روان (رجل أعمال أمريكي)، ونجيب ساويرس (رجل أعمال مصري)، وأرييه لايتستون (المدير التنفيذي لمعهد اتفاقات أبراهام والمستشار السابق للسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان) كمرشحين محتملين.
وتشير الوثيقة إلى أن المجلس سيضم ممثلًا فلسطينيًا واحدًا على الأقل من “قطاع الأعمال أو الأمن”، إضافة إلى “تمثيل قوي لأعضاء مسلمين لضمان الشرعية الإقليمية”.

وسيقدّم المجلس تقاريره إلى مجلس الأمن الدولي الذي سيمنحه التفويض الرسمي، وهو ما يثير تساؤلات حول قبول دول مثل الجزائر أو باكستان أو روسيا أو الصين لحكومة انتقالية في غزة يديرها في الغالب رجال أعمال أجانب.

توني بلير… الرئيس التنفيذي المقترح

رغم أن الوثيقة لم تذكر اسم توني بلير صراحة، فإن عدة وسائل إعلام بريطانية وإسرائيلية أكدت أنه المرشح الأوفر حظًا لرئاسة “غيتا”.

وينصّ المخطط على أن الرئيس سيكون “المسؤول التنفيذي السياسي الأول والمتحدث الرسمي والمنسق الاستراتيجي” للسلطة الانتقالية، ويُعيَّن بإجماع دولي ومصادقة من مجلس الأمن، دون أي إجماع فلسطيني.

وسيُمثّل الرئيس السلطة في المحافل الدولية، ويقود “الدبلوماسية الأمنية” بالتعاون مع إسرائيل ومصر والولايات المتحدة، فيما ستكون الإدارة التنفيذية في البداية خارج غزة — بين العريش في سيناء والقاهرة وعمان — قبل الانتقال التدريجي إلى القطاع خلال السنة الثالثة.

هيكل إداري يشبه الشركات

تُظهر الرسوم التنظيمية في الوثيقة تسلسلاً إداريًا ذا طابع تجاري أكثر من كونه سياسيًا.
يضم الهرم في قمته مجلس الإدارة والرئيس، ويوازيه جهاز أمني دولي يُعرف باسم “قوة الأمن الدولية”، تتولى إدارة المعابر والحدود والمياه الإقليمية بالتنسيق مع إسرائيل ومصر، وتنفذ “عمليات ميدانية لمنع عودة الجماعات المسلحة”، دون أي ذكر لحركة حماس.

وتحت المجلس تنبثق هيئات فرعية مثل:

  • هيئة الاستثمار والتنمية الاقتصادية،
  • الأمانة التنفيذية (المسؤولة عن العمليات اليومية ونظام الهوية الرقمية للفلسطينيين)،
  • هيئات تُشرف على الإعمار والعمل الإنساني والتشريعات المحلية.

أما في أسفل الهرم، فتوجد “السلطة التنفيذية الفلسطينية” التي تبدو صورية بلا صلاحيات حقيقية.

“سلطة فلسطينية بلا سيادة”

بحسب المسودة، تتكون “السلطة التنفيذية الفلسطينية” من وزارات تكنوقراطية تدير قطاعات التعليم والصحة والمياه والطاقة والعمل والإسكان والعدالة والرعاية الاجتماعية.
وسيتم تعيين الوزراء — الذين تصفهم الوثيقة بـ”المديرين” — من قبل المجلس الدولي، بناءً على معايير “الكفاءة والنزاهة والحياد”، مع حق المجلس في عزلهم أو استبدالهم في أي وقت.

وتشير الوثيقة إلى أن جميع البلديات المحلية في غزة ستكون تابعة للسلطة التنفيذية الفلسطينية، لكن تعيين رؤساء البلديات وكبار مديريها سيتم رسميًا من مجلس غيتا الدولي، في خطوة تعزز تبعيتها الكاملة للمجلس الأجنبي.

أذرع قانونية خاضعة للقانون الدولي

تشمل الخطة أيضًا إنشاء مجلس قضائي عربي برئاسة محامٍ فلسطيني “حسن السمعة”، للإشراف على تطبيق القانون وضمان “احترام حقوق الإنسان”.
وتنص الوثيقة على حماية “حق العودة” للفلسطينيين المغادرين طوعًا، لكنها تشدد على أن غيتا لا تؤيد إعادة التوطين، وهو بند أثار شكوكًا واسعة حول نوايا الخطة، خاصة مع غياب أي التزامات فعلية تضمن هذا الحق.

ويرى محللون أن صياغة الوثيقة “توحي بأن الإدارة الانتقالية ستكون تابعة لإسرائيل سياسيًا وأمنيًا، تحت غطاء دولي من الأمم المتحدة وشراكة اقتصادية مع الممولين”.

نهاية مفتوحة… وغموض متعمد

تؤكد المسودة أن “غيتا” ستعمل “بالتشاور الوثيق مع السلطة الفلسطينية” لتسليمها إدارة القطاع في نهاية المرحلة الانتقالية، لكن دون تحديد موعد واضح لذلك، مما يترك الباب مفتوحًا أمام تمديد السيطرة الدولية إلى أجل غير مسمى.

ويرى مراقبون أن الخطة تمثل نموذجًا جديدًا من الوصاية الاقتصادية المقنّعة، إذ تُدار غزة مثل “شركة عالمية” أكثر من كونها “كيانًا سياسيًا”، مع رئيس تنفيذي، ومجلس إدارة، ومراجعات أداء، ومعايير كفاءة.

وفي غياب أي إشارة للسيادة الفلسطينية، أو تمثيل حقيقي لأهل غزة في مؤسساتها، تبدو “سلطة بلير” المقترحة **سلطة انتقالية بلا شعب… ولا وطن”.

المصدر ميدل إيست آي

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى