خطة توني بلير لإدارة غزة: مجلس من المليارديرات وشخصيات دولية بلا فلسطينيين

كشفت تسريبات جديدة عن مسودة خطة لإدارة قطاع غزة، تقترح أن يتولى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قيادة سلطة انتقالية دولية، تحمل اسم “غيتا” (GITA)، بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، بحسب ما نقلت صحيفة “هآرتس”.
وتُظهر الوثيقة المسربة تصورًا لإنشاء هيكل إداري هرمي، يرأسه مجلس دولي من المليارديرات ورجال الأعمال، فيما يتولى مسؤولون فلسطينيون “مستقلون” إدارة الشؤون اليومية، بشرط خضوعهم لتدقيق سياسي صارم.
مجلس دولي بلا فلسطينيين
بحسب المسودة، فإن المجلس الدولي سيكون صاحب “السلطة السياسية والقانونية العليا على غزة خلال الفترة الانتقالية”، وقد وردت أسماء أربعة مرشحين محتملين لعضويته، دون وجود أي فلسطيني بينهم:
- سيغريد كاغ، منسقة الأمم المتحدة السابقة لعملية السلام في الشرق الأوسط.
- مارك روان، الملياردير الأمريكي ورئيس شركة أبولو جلوبال مانجمنت.
- نجيب ساويرس، الملياردير المصري في قطاع الاتصالات.
- أرييه لايتستون، الحاخام ورجل الأعمال والرئيس التنفيذي لمعهد اتفاقيات إبراهيم للسلام.
وتشير التسريبات إلى أن هؤلاء لم يُستشاروا رسميًا بعد، فيما يصف موقع ميدل إيست آي الفريق المحتمل لبلير بأنه “مزيج من رجال المال والنفوذ والسياسة، دون أي تمثيل فلسطيني أو أممي فعلي”.
أرييه لايتستون.. مهندس “مؤسسة غزة الإنسانية”
يُعد أرييه لايتستون من الشخصيات المقربة من الإدارة الأمريكية، حيث عمل مستشارًا للسفير الأمريكي السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان خلال رئاسة دونالد ترامب، وساهم في صياغة اتفاقيات إبراهيم.
يرأس حاليًا معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام، ويُتهم بالمشاركة في تأسيس ما يُعرف بـ“مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)”، التي تولت توزيع المساعدات بدلًا من الأمم المتحدة، وهي المؤسسة التي وُجهت إليها اتهامات بـ“التجويع الممنهج” و“القتل المدبّر” بعد مقتل أكثر من 2000 فلسطيني قرب مراكزها في غزة.
كما يُعرف لايتستون بمعارضته الشديدة لفكرة حل الدولتين، واعتبر أن “الأولوية هي إبعاد حماس عن المشهد قبل أي حديث سياسي”، بحسب وثائق داخلية كشفتها “هآرتس”.
نجيب ساويرس.. الملياردير المصري وصديق بلير
يُعتبر نجيب ساويرس، البالغ من العمر 71 عامًا، أحد أبرز رجال الأعمال العرب وأكثرهم ثراءً بثروة تقدر بنحو 10 مليارات دولار. تربطه علاقات وثيقة بتوني بلير منذ مطلع الألفية، وقد شوهد الاثنان في مناسبات خاصة عدة، من بينها حفل زفاف نجل ساويرس عند أهرامات الجيزة عام 2020.
ويملك ساويرس شركات ضخمة في الاتصالات والتعدين، من بينها “لامانشا” لتعدين الذهب، وشركة “أوراسكوم”، وله تاريخ في دعم مشاريع إعادة الإعمار بعد الحروب، مثل تجربته في أفغانستان بالتعاون مع بلير.
سياسيًا، يُعرف ساويرس بانتقاداته العلنية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبدعمه لمبدأ اقتصاد السوق الحر، كما أسس حزب المصريين الأحرار بعد ثورة 2011، ويتخذ من دبي مركزًا لاستثماراته وإطلاق مشاريعه الإعلامية.
مارك روان.. الممول الأمريكي الموالي لإسرائيل
مارك روان، الرئيس التنفيذي لشركة أبولو جلوبال مانجمنت، يُعد من أبرز الممولين اليهود الأمريكيين، وتُقدر ثروته بنحو 10.2 مليار دولار. يدير روان أصولًا بقيمة 840 مليار دولار لصالح مستثمرين حول العالم، بينهم سعوديون وإماراتيون، وقد صرّح في مقابلة سابقة بأن “أبوظبي والإمارات هما أكبر المستثمرين في شركته”.
روان معروف بدعمه القوي لإسرائيل، ووصفها بأنها “ملاذنا وشعبها المختار”. كما دافع عن الإبادة في غزة واعتبرها “حربًا عادلة”، وتبرع بمليون دولار لحملة ترامب الرئاسية عام 2020.
بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، قاد روان حملة في الولايات المتحدة لطرد مسؤولي جامعة بنسلفانيا بسبب تنظيمهم فعالية ثقافية بعنوان “فلسطين تكتب”، واعتبرها “تحريضًا ضد إسرائيل”.
سيغريد كاغ.. الصوت الإنساني الوحيد
تُعد سيغريد كاغ، الدبلوماسية الهولندية ووزيرة الخارجية السابقة، أكثر الشخصيات اعتدالًا بين فريق بلير المقترح. عملت منسقةً أممية للشؤون الإنسانية في غزة بين عامي 2023 و2025، وشغلت مناصب في بيروت ودمشق والقدس قبل ذلك.
وصفت كاغ مشاهد الدمار في غزة بأنها “منظر قمري”، وقالت إن ما يحدث هناك “وصمة عار على الضمير العالمي”. وانتقدت استبدال الأمم المتحدة بـ“مؤسسة غزة الإنسانية” لتوزيع الإغاثة، معتبرة أن ذلك أدى إلى “تسليح المساعدات” وتحويلها إلى أداة ضغط سياسي.
بلير في الواجهة مجددًا
تُبرز الوثيقة عودة توني بلير إلى الواجهة كـ“مدير محتمل لغزة ما بعد الحرب”، بعد مسيرة طويلة مثيرة للجدل شملت دوره في غزو العراق عام 2003، ثم عمله مستشارًا للحكومات والشركات عبر العالم.
ويرى مراقبون أن الخطة الجديدة تمثل “خصخصة كاملة لإدارة غزة”، بإشراف مليارديرات وشخصيات موالية لإسرائيل والغرب، دون أي تمثيل فلسطيني أو إشراف أممي فعلي، ما يجعلها أقرب إلى “مشروع رأسمالي استعماري مغلف بغطاء إنساني”.