أحزاب وبياناتحزب غد الثورةمصر

بيان حزب غد الثورة الليبرالي المصري… حول تدخل الحكومة في شؤون الصحافة تحت لافتة “التطوير”

لم تعرف مصر في تاريخها الحديث، حتى في أكثر عصورها شمولية، هذا القدر من الفجاجة في التدخل المباشر للسلطة التنفيذية في شؤون الصحافة والإعلام، كما شهدناه مؤخرًا بقرار صادم صادر عن مجلس الوزراء، يتضمن قائمة من الأسماء بدعوى “تطوير الصحف القومية”.

القرار تجاوز حدود الدستور والقانون، وتخطّى كل الأعراف المهنية التي أكدت استقلال الصحافة عن السلطة التنفيذية، فأيّ معنى أن يصدر رئيس الحكومة قرارات “تحريرية” داخل المؤسسات الصحفية؟ وأي منطق يُجيز أن تكون الحكومة الخصم والحكم في آنٍ واحد؟

ما جرى لا يمكن وصفه إلا بأنه عودة إلى زمن التأميم والتنظيم الذي بدأ مطلع الستينيات، حين صودرت الكلمة، ووضعت السلطة يدها على كل قلم، وكل ورقة، وكل فكرة.

الفرق الوحيد أن ما يحدث اليوم لا يُغطَّى بشعارات الثورة أو الاشتراكية، بل بشعارات “التطوير” و”التحديث”، في حين أن جوهره الحقيقي هو تكميمٌ جديدٌ للأفواه، واغتيالٌ بطيءٌ لما تبقى من حرية الرأي والتعبير في مصر.

إن حزب غد الثورة الليبرالي المصري، انطلاقًا من مبادئه الدستورية والليبرالية، يرى أن ما صدر من قرارات يمثل انتهاكًا صارخًا للمادة (70) من الدستور المصري، التي تكفل حرية الصحافة والإعلام وحق ملكيتها للأفراد والشركات والمؤسسات.

كما يخالف نص المادة (71) التي تحظر بأي وجهٍ فرض رقابة أو مصادرة أو تعطيل للصحف إلا في زمن الحرب.

ويؤكد الحزب أن هذه القرارات تُعد مخالفة كذلك لالتزامات مصر الدولية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي تنص مادته (19) على أن “لكل إنسان الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون تدخل من السلطات العامة”.

إن “التطوير” الحقيقي لا يكون بتغيير الوجوه، ولا بإعادة توزيع الولاءات داخل المؤسسات، بل بإطلاق حرية الكلمة، وتجديد دماء المهنية، وضمان استقلال الصحف ومجالس إدارتها عن أي سلطة تنفيذية.

وإن محاولات إحلال الولاء محل الكفاءة، والسيطرة محل الاستقلال، لا تصنع نهضة إعلامية، بل تُعيدنا إلى عصورٍ أُغلِق فيها باب الحرية، وارتفعت فيها جدران الخوف بين الصحفي والقارئ، وبين الحقيقة والسلطة.

موقف الحزب ومطالبه

  1. يطالب حزب غد الثورة الليبرالي المصري بإلغاء القرار الصادر عن مجلس الوزراء بشأن ما سُمّي بـ”تطوير الصحف القومية”، باعتباره غير دستوري وغير قانوني.
  2. يدعو إلى حوار وطني مهني تشارك فيه نقابة الصحفيين والمجتمع المدني لوضع رؤية إصلاح إعلامي حقيقي يقوم على الاستقلال والشفافية.
  3. يطالب بإنشاء هيئة مستقلة للصحافة والإعلام، بعيدة عن الحكومة، تدير المؤسسات الصحفية العامة على نحو مهني، لا سياسي.
  4. يؤكد التزامه الكامل بالدفاع عن كل صحفي أو مؤسسة تتعرض لضغوط أو تهديد بسبب آرائها، واتخاذ كل الإجراءات القانونية والحقوقية الممكنة للدفاع عن حرية الكلمة.

إن الصحافة ليست ملحقًا في دفتر الحكومة، ولا بندًا في موازنتها، بل هي ضمير الوطن وحارسة وعيه. وإن أي مساسٍ باستقلالها هو مساسٌ بمفهوم الدولة ذاتها، واعتداءٌ على روح الدستور التي ضحّى من أجلها المصريون في ثوراتهم المتعاقبة.

لذلك، فإن حزب غد الثورة الليبرالي المصري، إذ يندد بهذا التدخل غير المسبوق، يُعلن أنه سيُخاطب نقابة الصحفيين، والمنظمات الحقوقية الدولية، والاتحاد الدولي للصحفيين، لوضع هذا القرار أمام الرأي العام العربي والدولي، بوصفه نموذجًا صارخًا على انتهاك استقلال الإعلام في مصر.

من المؤسف أن تتراجع مصر، التي أنجبت الأهرام وروزاليوسف والأخبار، إلى زمنٍ يُدار فيه الإعلام من داخل مكاتب الحكومة، لا من قاعات التحرير.

ومن المؤلم أن يتحول “التطوير” إلى كلمة مرادفة للتأميم، وأن يُصبح “التحديث” هو الاسم الحركي للمصادرة.

غير أن الأمل لا يزال قائمًا، ما دام في مصر صحفيون أحرار، ومواطنون يرفضون الصمت، وأحزاب ترفع الصوت دفاعًا عن حرية العقل والضمير والكلمة.

حزب غد الثورة الليبرالي المصري
التاريخ: ‎٧ أكتوبر ‎٢٠٢٥

رئيس الحزب
د. أيمن نور

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى