محللون: رد حماس على مبادرة ترامب يعكس تحولًا في مسار الصراع وتبدلًا في الموقف الأمريكي

اعتبر محللون سياسيون أن ردود حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما تبعها من تفاعلات سياسية وإعلامية متسارعة، تمثل تحولًا مهمًا في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، سواء من حيث أسلوب تعامل الحركة مع المبادرة أو من حيث الرد الأمريكي السريع والمفاجئ الذي تبعها.
تحول في خطاب الحركة ودهاء في الموقف
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت عبد الله الشايجي في حديث لـ”قدس برس”، إن رد حركة “حماس” جاء ذكياً ومحترفاً، وأظهر مسؤولية وعمقاً في قراءة المشهد السياسي.
وأوضح أن الحركة أشادت بالمبادرات والوساطات العربية والإسلامية والدولية، وأبرزت أهمية الدور الذي يلعبه ترامب في محاولات ما وصفته بـ”إحلال السلام”.
وأضاف الشايجي أن “حماس” أبدت مرونة سياسية لافتة، إذ وافقت على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وعلى إدارة غزة من قبل هيئة مستقلة بعد الحرب، إلى جانب قبولها بالتفاوض غير المباشر حول التفاصيل، شرط أن يكون القرار النهائي بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية.
وأشار إلى أن الحركة، رغم استمرار القصف الإسرائيلي، تجنبت استفزاز واشنطن أو رفض المبادرة علناً، وهو ما وصفه بـ”الدهاء السياسي في إدارة الموقف”، خصوصاً في ظل حساسية المرحلة.
ترامب يتبنى بيان حماس ويصدم تل أبيب
وفي خطوة غير مسبوقة، أشار الشايجي إلى أن ترامب نشر بيان حماس مترجمًا إلى الإنجليزية على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي، متبنياً مضمونه الذي تضمن انتقادات صريحة لإسرائيل واتهامات لها بارتكاب جرائم حرب.
وقال إن هذه الخطوة كانت مفاجئة لإسرائيل وأحدثت صدمة في أوساط حكومة نتنياهو، وبدت كأنها انقلاب في الموقف الأمريكي التقليدي.
وأوضح الشايجي أن ترامب دعا إلى وقف القصف على غزة، مؤكدًا أن هدفه تحقيق “سلام دائم طال انتظاره” في الشرق الأوسط، وهو ما وصفه الأكاديمي الكويتي بأنه تحول جذري في الخطاب الأمريكي تجاه الصراع.
وأضاف أن حكومة نتنياهو تبدو حتى الآن غير قادرة على التفاعل مع هذا التحول، بينما يسعى ترامب إلى أن يصبح اللاعب السياسي الأبرز في إدارة الملفات الإقليمية، خلال ما وصفه الشايجي بـ”الأسبوع الحاسم الذي قد يرسم ملامح المرحلة المقبلة”.
تحليل: ترامب يسعى لفرض رؤيته الشخصية
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي أمجد بشكار إن الرد الأمريكي السريع على بيان حماس يمكن قراءته في سياقين متكاملين:
الأول، رغبة ترامب في إظهار نفسه للعالم بوصفه صانع القرار الوحيد في ملفات الشرق الأوسط، وصاحب النفوذ المباشر على جميع الأطراف.
أما السياق الثاني، فيتمثل في سعيه لقطع الطريق أمام بنيامين نتنياهو ومنع أي خطوات قد تُعرقل رؤيته الخاصة، دون أن يدخل في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
وأوضح بشكار أن نشر البيت الأبيض وترامب لبيان حماس بالإنجليزية كان خطوة محسوبة تهدف إلى فرض أجندة ترامب السياسية وإبراز حضوره كـ”صانع سلام عالمي”، مشيراً إلى أن هذا لا يعني بالضرورة معارضته لنتنياهو، بل محاولة للهيمنة على المشهد السياسي الدولي من موقع المبادِر.
نرجسية سياسية وسعي نحو نوبل
وأشار بشكار إلى أن تصرفات ترامب تعكس نزعة نرجسية واضحة، إذ ينظر إلى القضايا العالمية من زاوية دوره الشخصي كمخلّص أو بطل سياسي.
ولفت إلى أن ترامب ركز في خطابه الأخير على ملف الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، بعد أن استقبله عدد من ذوي الأسرى الإسرائيليين الذين وصفوه بأنه “الشخص الوحيد القادر على حل القضية”.
وأضاف أن ترامب يسعى لتحقيق اختراق دبلوماسي يُنسب إليه، ويطمح إلى أن يكون ذلك سببًا في منحه جائزة نوبل للسلام، مشيرًا إلى أنه أراد أن يُسجل يوم الجمعة المقبل كـ”اليوم الذي يُنسب إليه إنهاء حرب غزة”.
ويرى مراقبون أن تفاعلات الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار المبادرة الأمريكية، بين من يعتبرها فرصة نادرة لإنهاء الحرب، ومن يراها مناورة سياسية جديدة يسعى من خلالها ترامب إلى تعزيز نفوذه وشعبيته الدولية قبل استحقاقات داخلية مرتقبة في الولايات المتحدة.