فرنسا في قلب أزمة سياسية غير مسبوقة وماكرون يطلب مفاوضات أخيرة للخروج من الجمود

تتفاقم الأزمة السياسية في فرنسا مع بداية الأسبوع، بعدما طلب الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يواجه عزلة متزايدة، من رئيس الوزراء المستقيل سيباستيان لوكورنو إجراء “مفاوضات أخيرة” لتشكيل حكومة جديدة قادرة على إنهاء حالة الجمود التي تشهدها البلاد منذ أشهر.
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام فرنسية، فقد اتفق لوكورنو مع حلفائه في اجتماع عقده الثلاثاء بمقر رئاسة الوزراء على أن تتركز المباحثات حول موازنة عام 2026 وملف كاليدونيا الجديدة، الأرخبيل الفرنسي الواقع في جنوب المحيط الهادئ.
ودعا لوكورنو جميع الأحزاب السياسية إلى لقائه بحلول صباح الأربعاء، غير أن حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرف رفض الدعوة مطالبًا بحل الجمعية الوطنية، وهو المطلب ذاته الذي تبناه حزب فرنسا الأبيّة اليساري الراديكالي.
وتشير التقديرات إلى أن ماكرون بات أكثر عزلة من أي وقت مضى، خصوصًا بعد أن تخلّى عنه عدد من حلفائه السابقين، حيث دعا رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب إلى رحيله قبل نهاية ولايته وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، معتبرًا أن “الدولة لم تعد مضبوطة”.
كما انضم إلى الأصوات المنتقدة رئيس الوزراء السابق غابرييل أتال، الذي قال إنه “لم يعد يفهم قرارات ماكرون”، في دلالة على اتساع رقعة الانقسام داخل المعسكر الرئاسي.
وتأتي هذه التطورات بعد الاستقالة المفاجئة لحكومة لوكورنو الاثنين، بعد 14 ساعة فقط من تشكيلها، في واحدة من أقصر الولايات الحكومية بتاريخ الجمهورية الخامسة، ما زاد من حدة الأزمة السياسية.
من جانبه، كلّف ماكرون لوكورنو بإجراء مفاوضات أخيرة حتى الأربعاء لـ”تحديد إطار للتحرك والاستقرار”، في حين لمح مقربون من الرئيس إلى إمكانية حل البرلمان مجددًا إذا فشلت المحادثات.
وفي المقابل، اقترح وزير الداخلية المستقيل برونو روتايو تشكيل حكومة “تعايش” بين اليمين والوسط، شرط الحفاظ على هوية كل طرف، بينما واصل حزب الجمهوريين تحفظه عن المشاركة المباشرة في التحالف الحكومي.
أما اليسار الفرنسي، فبدا منقسمًا بين تياراته، إذ دعا حزبا الخضر وفرنسا الأبيّة إلى اعتماد “برنامج قطيعة”، بينما طالب الاشتراكيون بتغيير المسار نحو حكومة يسارية جديدة، مع تعليق إصلاح المعاشات التقاعدية الذي كان سببًا رئيسيًا في تصاعد الغضب الشعبي.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تتزايد مخاوف الأوساط الاقتصادية من استمرار حالة الشلل السياسي، حيث عبّر باتريك مارتان، رئيس أكبر نقابة لأصحاب الأعمال في فرنسا (ميديف)، عن “الاستياء والقلق” من الوضع الراهن، محذرًا من تداعياته على الاستقرار الاقتصادي في البلاد.