مصر

مصر..الأمن يعتقل صاحب المزرعة التي وثّق لحظة إطلاق النار على سيارة ضحايا إدفو واشتعالها


اعتقلت قوات الأمن بمركز إدفو بمحافظة الأقصر، يوم السبت الموافق الرابع من أكتوبر الجاري، على القبض على المهندس الشاب هيثم أبو المجد (35 عامًا)، وإيداعه حجز مركز شرطة إدفو، بدعوى أنه صاحب المزرعة التي التقطت كاميراتها اللحظات الأخيرة من حادثة تصفية خمسة من شباب إدفو واحتراق سيارتهم بالكامل بعد إطلاق وابل من الرصاص عليهم في حدود الساعة الحادية عشرة مساء يوم 28 سبتمبر الماضي.

المهندس هيثم أبو المجد من أبناء قرية الشماخية – البصلية التابعة لمركز إدفو، وهو مهندس طاقة شمسية يمتلك شركة صغيرة متخصصة في هذا المجال، إضافة إلى قطعة أرض ومخازن تقع على طريق وادي الصعايدة، وهي المنطقة نفسها التي وقعت فيها عملية التصفية التي نفذتها قوات الأمن وأسفرت عن مقتل خمسة من أبناء المركز، من دون وجود أي دلائل على وقوع اشتباك مسلح أو كمين أمني في المكان.

ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها الشبكة المصرية، فإن الشرطة تتهم المهندس هيثم بأنه صاحب كاميرات المراقبة التي سجّلت لحظة إطلاق النار على السيارة التي كان يستقلها الضحايا الخمسة، ثم توثّق بعد ذلك اشتعال النيران في السيارة حتى تفحمت تمامًا. وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو الذي انتشر خلال الأيام الماضية، مؤكدين أنه يُظهر بوضوح أن إطلاق النار كان مباشرًا ومتعمدًا، من دون وجود أي اشتباك أو تبادل إطلاق نار كما زعمت وزارة الداخلية في بيانها الرسمي.

وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أصدرت بيانًا عقب الواقعة زعمت فيه أن القتلى “من العناصر الإجرامية شديدة الخطورة”، وأنه تم العثور بحوزتهم على “أسلحة نارية ومواد مخدرة”، وهي الاتهامات التي وصفها الأهالي بـالملفقة و”العارية من الصحة”، مؤكدين أن أبناءهم لم يُتهموا يومًا بأي قضايا جنائية، ولم تصدر ضدهم أحكام غيابية أو حضورياً، وطالبوا بمحاسبة القوة الأمنية التي نفّذت العملية بقيادة الضابط محمد صبري.

وبحسب شهادات ميدانية ومصادر محلية تحدثت إلى الشبكة المصرية، فإن قوات الأمن حاولت الضغط على عدد من أصحاب الأراضي الواقعة في محيط موقع الحادث، حيث يُعتقد أن كاميرات المراقبة في بعض هذه الأراضي قد تكون التقطت تسجيلات للحظة إطلاق النار واشتعال السيارة، في محاولة واضحة لمنع تسريب أي مواد مصوّرة قد تدين القوة الأمنية.

وعلمت الشبكة المصرية من مصادر موثوقة أن قوات الأمن قامت، في يوم الإثنين الموافق 29 سبتمبر — أي في اليوم التالي مباشرة لوقوع الحادثة — بمداهمة مقر شركة المهندس هيثم أبو المجد، وكذلك منزل والده وعدد من منازل الأهالي في المنطقة التي شهدت واقعة إطلاق النار واشتعال السيارة.

وبحسب المصادر، فقد هدفت هذه التحركات الأمنية إلى ممارسة ضغوط مباشرة على ذوي المهندس وعدد من السكان المحليين، في محاولة لمنع تسريب أو نشر أي مقاطع مصورة توثق لحظة إطلاق النار واحتراق السيارة، خشية خروج الفيديوهات إلى العلن وفضح ما جرى من انتهاكات أثناء الواقعة.

كما أفادت المصادر أن الطريق الذي وقعت فيه الحادثة لم يكن به أي كمين ثابت أو متحرك لقوات الأمن في ذلك التوقيت، ما ينسف رواية الداخلية بالكامل بشأن وجود “ملاحقة أمنية” أو “محاولة هروب” من جانب الضحايا. وتشير المعلومات أيضًا إلى أن قوات الأمن ألقت القبض على شخصين آخرين لم تُعرف هويتهما حتى الآن، في إطار حملة تستهدف كل من يملك تسجيلات أو معلومات حول الواقعة.

الشبكة المصرية تؤكد مجددًا مطلبها بالقصاص العادل للضحايا الخمسة، ومحاسبة كافة المتورطين في قتلهم وتصفيتهم، وتقديمهم للتحقيقات. وتشدد الشبكة على أن سياسة الإفلات من العقاب التي تمارسها وزارة الداخلية، ومحاولتها التنصل من جرائم الأفراد العاملين بها، وعدم محاسبتهم، تُعد إهدارًا للعدالة وانتهاكًا لمواد الدستور والقانون التي تؤكد على تطبيق القانون وحماية أرواح المواطنين وأمنهم.

وتدين الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بأشد العبارات قيام قوات الأمن باعتقال المهندس الشاب هيثم أبو المجد، معتبرة ذلك عملاً انتقاميًا واضحًا يهدف إلى معاقبته على امتلاكه أدلة مصورة توثق واحدة من أخطر وقائع القتل خارج نطاق القانون خلال الفترة الأخيرة.

وترى الشبكة أن ما حدث يمثل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير والحق في التوثيق ونقل المعلومات، ويمثل كذلك محاولة للتستر على جريمة تصفية ميدانية كان يجب أن تكون محل تحقيق قضائي عاجل ومستقل.
كما تؤكد أن هذه الممارسات تكرّس لنهج الإفلات من العقاب وتضرب بمبدأ سيادة القانون وحق المواطنين في الحياة عرض الحائط.

وتطالب الشبكة بـ:
• الإفراج الفوري وغير المشروط عن المهندس هيثم أبو المجد وجميع من تم اعتقالهم على خلفية الواقعة.
• فتح تحقيق قضائي جاد ومستقل في مقتل شباب إدفو الخمسة، ومحاسبة القوة الأمنية المسؤولة عن الحادثة.
• وقف سياسة التصفية الجسدية التي تنتهجها الأجهزة الأمنية بحق المواطنين خارج إطار القانون.
• ضمان حق الأهالي والمجتمع المحلي في معرفة الحقيقة الكاملة، وحق الصحافة والمنظمات الحقوقية في التوثيق والمساءلة.

وقالت الشبكة إن استمرار هذه الممارسات الانتقامية ضد من يكشفون الحقيقة لا يهدد فقط حرية الأفراد، بل ينسف أي إمكانية لتحقيق العدالة والمساءلة في جرائم القتل التي تُرتكب باسم القانون، ويكشف عن تدهور خطير في أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى