مقالات وآراء

معتصم الكيلاني يكتب: إحالة حكومة ميلوني إلى المحكمة الجنائية الدولية: قراءة قانونية في اتهامات الإبادة وجرائم الحرب

أُحيلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ووزيرا الخارجية والدفاع، إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ مع إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة.

وتعود خلفية القضية إلى بلاغ قُدّم من قبل مجموعة قانونية إيطالية تُدعى “Giuristi e Avvocati per la Palestina (GaP)” – وهي تجمع من محامين وأكاديميين وشخصيات عامة – الذين أعلنوا في بيان رسمي بتاريخ 1 أكتوبر 2025 نيتهم تقديم شكوى إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية استنادًا إلى المادة 15 من نظام روما الأساسي.

وتتهم الشكوى الحكومة الإيطالية بـ«التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجريمة الإبادة الجماعية» من خلال تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية والتقنية عبر شركات مثل “Leonardo S.p.A”، رغم وجود تقارير دولية عن ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني في غزة.

رئيسة الوزراء ميلوني أكدت في تصريحاتها لوكالة رويترز أنها «تمّ التبليغ بها» إلى المحكمة، لكنها أوضحت أنها لا تعرف الجهة التي قدّمت البلاغ بالتحديد. ومع ذلك، أشارت تقارير من الجزيرة ولو موند وPeacelink إلى أن البلاغ وقّعه نحو 50 شخصية من أساتذة ومحامين وناشطين حقوقيين.

من الناحية القانونية، يستند البلاغ إلى المادة 25 من نظام روما الأساسي التي تُقرّ بالمسؤولية الجنائية الفردية لكل من يأمر أو يحرض أو يساعد أو يساهم بأي شكل في ارتكاب الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة، بما في ذلك جرائم الحرب (المادة 8 وجريمة الإبادة الجماعية (المادة 6).

وتنص الفقرة (3)(c) من المادة 25 على أن الفرد يُعدّ مسؤولًا جنائيًا إذا “بغرض تيسير ارتكاب الجريمة، يعاون أو يساند أو يساعد في ارتكابها أو في محاولة ارتكابها، بما في ذلك توفير الوسائل لارتكابها.”

كما تُوضح المادة 27 من النظام نفسه أن الصفة الرسمية – سواء لرئيس دولة أو رئيس حكومة أو وزير – لا تُعفي الشخص من المسؤولية الجنائية، ولا تمنع المحكمة من ملاحقته أو محاكمته.

من جهة أخرى، تُعدّ جريمة الإبادة الجماعية وفق المادة 6 من نظام روما الأساسي من أخطر الجرائم التي تختص بها المحكمة، وتشمل “الأفعال التي تُرتكب بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو دينية كليًا أو جزئيًا”، بينما تُعرف جرائم الحرب (المادة 8 بأنها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، بما في ذلك استهداف المدنيين، وتدمير الممتلكات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.

وفق تقارير إعلامية وحقوقية، فإن جوهر الاتهام الموجه للحكومة الإيطالية لا يتعلق بالمشاركة المباشرة في العمليات العسكرية، بل بدعمها المادي واللوجستي والسياسي لدولة متهمة بارتكاب تلك الجرائم، ما يمكن أن يُفسَّر قانونيًا كـ«تسهيل أو مساعدة» بموجب المادة 25.

حتى اللحظة، لم تُصدر المحكمة الجنائية الدولية أي بيان رسمي يؤكد استلام الشكوى أو بدء التحقيق، كما أن الإجراءات الأولية (بموجب المادة 15) تتيح للمدعي العام تقييم جدية البلاغ قبل فتح أي تحقيق رسمي.

من الناحية القانونية والسياسية، فإن النتائج المحتملة تعتمد على ما إذا كانت المحكمة ستعتبر البلاغ مستوفيًا للمعايير القانونية:

  • إذا رأى المدعي العام أن هناك أدلة كافية على المساهمة في ارتكاب الجرائم، فقد يُفتح تحقيق أولي ضد المسؤولين الإيطاليين.
  • أما إذا اعتُبر البلاغ ذا طابع سياسي أو غير مدعوم بأدلة مادية قوية، فسيتم حفظه دون اتخاذ أي إجراء.
  • وفي جميع الأحوال، حتى في حال فتح التحقيق، فإن محاكمة مسؤولين حكوميين أوروبيين ستكون سابقة دولية غير مسبوقة، وقد تُحدث تداعيات سياسية وقانونية كبيرة داخل الاتحاد الأوروبي
المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى