فلسطينمصر

تحركات مصرية لإضفاء شرعية دولية على اتفاق غزة وسط حذر أميركي وإسرائيلي

تسعى مصر إلى إضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في خطوة يراها مراقبون محاولة لتثبيت الاتفاق وضمان تنفيذه بما يخدم المصالح الفلسطينية والإقليمية، ويحول دون أي تراجع أميركي أو إسرائيلي محتمل.

فبعد يومين من دخول اتفاق شرم الشيخ حيز التنفيذ، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره القبرصي نيكوس كريستودوليدس اليوم السبت، ضرورة نشر قوة دولية في القطاع، إلى جانب السعي لـ”إضفاء شرعية أممية” على صفقة إنهاء الحرب عبر مجلس الأمن الدولي.

وشدد السيسي على البدء الفوري في عملية إعادة إعمار غزة والتنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، معلنًا عن تنظيم مؤتمر دولي لإعادة الإعمار تستضيفه القاهرة قريبًا.

رهان القاهرة على الشرعية الدولية

يرى محللون أن الموقف المصري يهدف إلى تثبيت الاتفاق وإلزام الأطراف به عبر مظلة قانونية دولية تمنح شرعية دائمة لما تم التوصل إليه في شرم الشيخ، وتحدّ من قدرة كلٍّ من بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب على إعادة صياغة البنود وفق مصالحهما السياسية.

ويقول الكاتب الأميركي بيتر روف في مجلة نيوزويك إن على ترامب “رفض أي تدخل للأمم المتحدة في هذا الاتفاق”، معتبرًا أن إدخال مجلس الأمن في المعادلة قد يؤدي إلى تعقيدات إضافية، وربما يعرض الاتفاق لـ”خطر الفيتو” من أحد الأعضاء الدائمين.

لكن محللين عربًا يعتبرون أن غياب المرجعية الدولية يعني إبقاء الاتفاق “رهينة المزاج السياسي لكل من واشنطن وتل أبيب”، كما يؤكد أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة إبراهيم فريحات، الذي يرى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان للتحكم بمسار الاتفاق وتنفيذه دون رقابة دولية.

ويضيف فريحات أن “تدويل الاتفاق يضمن التزامات واضحة ويحدّ من هيمنة نتنياهو وترامب، بينما غياب تلك المرجعية يتيح لهما الالتفاف على البنود”، مؤكدًا أن واشنطن ليست ضامنًا موثوقًا بعد أن تراجع ترامب عن صيغ تفاوضية عرضها سابقًا في نيويورك.

الموقف الإسرائيلي: رفض ضمني للتدويل

ويشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية محمود يزبك إلى أن إسرائيل ترفض تاريخيًا تدويل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي لأنها تسعى للاحتفاظ بسيطرتها الميدانية والسياسية، مضيفًا أن “الاقتراح المصري يعكس إدراك القاهرة لطبيعة هذه السياسة وسعيها للحد من تفرد إسرائيل وواشنطن بالملف”.

ويرى يزبك أن معارضة المطلب المصري “تكشف نوايا إسرائيلية مضمرة للحفاظ على اليد العليا في إدارة الاتفاق”، معتبرًا أن لدى القاهرة “مؤشرات على احتمالات تطورات خطيرة قادمة في حال غياب الضمان الدولي”.

خلفيات الموقف المصري

تؤكد مصادر دبلوماسية في القاهرة أن تحرك السيسي نحو مجلس الأمن يأتي في سياق رغبة مصر في تثبيت الهدنة وجعلها مرجعًا قانونيًا دوليًا يضمن تنفيذ البنود المتعلقة بإعادة الإعمار، وعودة النازحين، ونشر قوة استقرار دولية في غزة، وفق ما نصت عليه المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويرى مراقبون أن هذا المسار يمنح القاهرة دورًا قياديًا في إعادة تشكيل الوضع السياسي بعد الحرب، خصوصًا مع تصاعد الجدل حول إدارة غزة مستقبلاً بين الفصائل الفلسطينية والسلطة الوطنية.

تحدي الثقة الدولية

ويختتم فريحات تحليله بالتأكيد على أن “التجربة التاريخية أظهرت أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق أوسلو رغم مرور ثلاثة عقود”، محذرًا من أن “الاتفاق الجديد، رغم أهميته، يفتقر حتى الآن إلى ضمانات التنفيذ ما لم يحصل على غطاء أممي رسمي“.

ويضيف أن الشرق الأوسط الجديد الذي يتحدث عنه ترامب “لن يكتمل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة”، متسائلًا: “هل تقبل الدول العربية والإسلامية بشرق أوسط خالٍ من فلسطين؟”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى