فلسطينملفات وتقارير

اقتصاد الحرب.. قراءة في التحالف الأميركي–الإسرائيلي وأبعاده الخفية على الشرق الأوسط

كشف تحليل اقتصادي–سياسي حديث عن طبيعة التحالف الأميركي–الإسرائيلي باعتباره أحد أعمدة الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط، مبينًا أن «اقتصاد الحرب» أصبح اليوم أحد أهم أدوات الرأسمالية الاحتكارية، التي تغذّي النزاعات وتعيد إنتاجها لضمان التفوق الاقتصادي والسياسي للولايات المتحدة وإسرائيل.

ويشير التحليل إلى أن التحالف بين واشنطن وتل أبيب ليس وليد قيام دولة إسرائيل عام 1948، بل تعود جذوره إلى بدايات القرن العشرين، مع تصاعد الهجرة اليهودية من أوروبا الشرقية وتنامي نفوذ الجماعات الصهيونية في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما مهّد لولادة اللوبي الصهيوني الأميركي وتغلغله في دوائر صنع القرار في واشنطن.

تحالف قائم على المصالح والهيمنة

يرى التقرير أن هذا التحالف تطوّر من البعد الديني والأيديولوجي إلى شراكة إستراتيجية شاملة، تشمل الجوانب العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية، حيث شكّلت إسرائيل الذراع الإقليمية للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

ويضيف أن موقع إسرائيل الجغرافي، وسط مناطق النزاع في المنطقة، جعل منها «أداة وظيفية» لضمان بقاء المنطقة في حالة توتر دائم، بما يتيح للولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها العسكري وتدفق صفقات السلاح.

ويستشهد التحليل بمذكرة التفاهم الأميركية–الإسرائيلية (2016–2028) التي تنص على تقديم واشنطن مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار، منها 5 مليارات مخصصة لأنظمة الدفاع الصاروخي، مثل «القبة الحديدية» و«مقلاع داود»، ما يجعل الدعم الأميركي لإسرائيل ركيزة اقتصادية تعزز الصناعة الدفاعية الأميركية ذاتها.

اقتصاد الحرب كآلية للربح والسيطرة

وبحسب معهد واتسون/براون، فإن الولايات المتحدة أنفقت منذ هجوم «طوفان الأقصى» ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار كمساعدات أمنية لإسرائيل، إضافة إلى 4.8 مليارات لعملياتها العسكرية في المنطقة، وهو ما يكشف – وفق التحليل – عن تداخل المصالح بين الطرفين في توظيف الحروب كأداة اقتصادية مربحة.

ويوضح التقرير أن «اقتصاد الحرب» بات يمثل ركيزة أساسية في المنظومة النيوليبرالية المعاصرة، حيث أصبحت تجارة السلاح، وإعادة الإعمار، واستغلال الموارد الطبيعية، أدوات فعالة لتكريس التبعية الاقتصادية للشرق الأوسط والعالم العربي.

فقد بلغت إيرادات أكبر 100 شركة أسلحة عام 2023 نحو 632 مليار دولار، منها 317 مليارًا للشركات الأميركية وحدها، بينما استحوذ الشرق الأوسط على ثلث الصادرات الدفاعية الأميركية في الفترة بين 2020 و2024.

انعكاسات داخلية وتحديات مستقبلية

ويرى التحليل أن استمرار الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل يفرض عبئًا اقتصاديًا متزايدًا على الميزانية الأميركية، خاصة في ظل تصاعد الديون الداخلية والضغوط الاجتماعية، إذ تشير بيانات اقتصادية حديثة إلى أن نحو 27 مليون أميركي عاجزون عن سداد ديون بطاقاتهم الائتمانية، في وقت يحذّر فيه خبراء من أزمة مالية قادمة تشبه أزمة 2008.

ويخلص التقرير إلى أن اقتصاد الحرب الذي يربط واشنطن وتل أبيب قد وفر لهما مكاسب مؤقتة، لكنه في الوقت ذاته يزرع بذور التآكل الداخلي، مع تزايد الكلفة البشرية والمادية للحروب في المنطقة، وتنامي الرفض الشعبي العربي والدولي لسياسات الإبادة في غزة، الأمر الذي قد يسهم في تراجع النفوذ الأميركي والإسرائيلي ضمن النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى