
خبر سار، لكل من يفكرون في الهجرة أو الزواج، إليكم هذا الخبر الذي قد يظنه البعض خبرا ساخرا حدَّ الجدّ، لكنه بالفعل خبر جاد حدَّ السخرية:
فأخيرًا، اكتُشف كوكب صالح للحياة… وصالح للحب بمجرد الوصول إلىه تترك الأرض لمن ضيّقوها حتى على أنفاسها.
نمت وانا اقرا في كتاب عالم ترامب للكاتب الصحفي الزميل هشام جعفر ، و استيقظت هذا الصباح مبكرا كالعاده لمتابعة ما يحدث في شرم الشيخ وزياره وعدد من الزعماء للمدينه الاثيره الى قلبي لكني وانا ابحث عن اخبار وصول القاده الى شرم صادفت خبرا قلب الموازين بالنسبه لي وهو:
وكالة “أسترو نِت” أعلنت عن كوكب اسمه فينيسيا-٩٠ وهو يصلح لحياة الإنسان وبه كائنات تشبه البشر تعيش على ظهر فينيسيا، معظمهم النساء بشعور قرموزيه وبرتقاليه وفضيه عيونه واسعه لديهم مياه نقية وانهار بلا سدود، المشكلة الوحيدة هي المسافه البعيده للان حيث يبعد عن الأرض سبعًا وثلاثين سنة ضوئية — أي أقل قليلًا من المسافة بين المواطن العربي والعدالة، أو بين الحاكم العربي وضميره. لكنها بالنسبه لي اقرب من المسافه التي تفصل بين اسطنبول والقاهرة!
وفقا لما اعنته الوكاله الدوليه للفضاء فالكوكب البنفسجي الجميل هادئ كقصيدةٍ لم تُنشر بعد، يعيش فيه بشر يشبهوننا — وربما نسخة مُحدَّثة منّا، بعد حذف العيوب الأرضية وإضافة لمسة من النعومة السماوية.
الغريب والمدهش ان تسعون في المئة من سكانه نساء !، والعشرة الباقون — إن وُجدوا — ربما يُصدرون بيانات اعتذار متواصلة عمّا ارتكبه الرجال على كوكبنا هذا من أخطاء بيئية وأخلاقية وسياسية وذكورية أيضًا!
العلماء المبهورون ببيئة الكوكب التي تشبه الأرض بنسبة ٨٨٪ نسوا أن الأرض نفسها لم تعد تشبه نفسها ولو بنسبة واحد في المئة.
هناك ماء وهواء وسماء لكنها بنفسجية، وهنا جفافٌ في القلوب، واختناق في الكلام، وسماء رمادية تمطر وعودًا بالسلام لكنها لا تنبت.
على “فينيسيا-٩٠” لن ترى مؤتمرات القمة ولا القمم بلا مؤتمرات، لن تسمع خطابًا عن التنمية المستدامة من أفواه من لا يستطيعون تنمية زهرة في شرفاتهم.
لن تجد فيه ترامب يغرّد، ولا نتنياهو يهدّد، ولا صندوق النقد يقرض و يطلب ويتوعد، ولا دولة تبيع أنفاسها وملابسها، لتسدد الفروض بالعملة الصعبة.
في ذلك العالم، الذي نعيش فيه، المنفى رفاهية، والمنفى حرية، والمنفى اختيار وحيد.
هناك في فينيسيا، لا جدران تفصل الفقراء عن الضوء، ولا حواجز بين السؤال والجواب، ولا لافتات تُحذِّر من استخدام العقل.
الشرطة هناك تُنقذ لا تُراقب، والقانون حارس للإنسان لا مالك له.
المثقف لا يُستدعى للتحقيق لأنه كتب، بل يُستدعى للتكريم لأنه حلم.
والمرأة التي تمثل الأغلبية الساحقة تحترم حقوق الرجال ولا تُسأل عمّن سمح لها أن تحيا، بل تُسأل عمّن استطاع أن يمنعها من ذلك!
في فينيسيا-٩٠ تتحول السجون إلى متاحف، ويُكتب على مدخلها:
“هنا كان يُحبس الإنسان على رأيه، حين كان يعيش في الكوكب الآخر!”
عبارة تصلح لأن تُعلّق على أبواب برلماناتنا أيضًا.
الشباب، من سكان الدنيا، و خاصه سكان أم الدنيا، ممن أنهكتهم الأسعار والانتظار، ابحثوا في جوجل عن “فينيسيا-٩٠”.
اكتبوا في خانة البحث: كل ما يعن لكم من اسئله.
الخيال العلمي لم يعد خيالًا، بل نافذة صغيرة على ما يمكن أن تكون عليه الدنيا لو تركها الطغاة لحظة واحدة تتنفس. واذ عز علينا أن يتركوها فلنتركها نحن لهم!
“فينيسيا-٩٠” ليست إلا نسخة سماوية من فكرة قديمة جدًا: أن الإنسان يمكن أن يكون طيبًا لو لم يُجبر على القسوة، جميلًا لو لم يُرغم على القبح، حرًّا لو لم يُعاقَب على الحلم.
من هذا الكوكب الجديد هناك دعوة لكل المهاجرين واللاجئين والعشاق والمفلسين والثائرين، دعوة إلى عالمٍ بلا حدود ولا قيود ولا جدران ولا اجهزه سيادية.
دعوة لمن ضاقت بهم الأرض أن يصنعوا في السماء وطنًا يليق بكرامتهم،
ولمن خذلتهم الحكومات أن يكتبوا دستورهم على صفحةٍ بنفسجيةٍ من هواء فينيسيا.
المستحيل ليس في الفضاء، بل في بلادٍ لا تتسع لفكرةٍ مختلفة ولا قلبٍ يعشق الحرية.
وربما تكون “فينيسيا-٩٠” ليست إلا مرآة سماوية تُكشف كم ابتعدنا عن إنسانيتنا، وكم صار الوطن حجرةً ضيقة في فندق الاستبداد الكبير.
فمن لم يجد العدالة في أرضه… فليلحق بها في الفضاء!
أنا أصدق هذا الحلم، وأتمنى لو تتبناه وزارات الهجرة في العالم العربي، وتفتح باب التسجيل لكوكبٍ لا يُحاكم فيه الحب، ولا يُعتقل فيه الحلم، ولا يُصادر فيه الهواء.
يا سادة، هذا هو المشروع الحقيقي للقرن الحادي والعشرين:
الهجرة إلى بدل الهروب من الواقع، والمنفى الاختياري بدل السجن الإجباري.
فمن ضاقت عليه الأرض، فليتجه إلى البنفسج، ومن ضاقت به السياسة، فليتجه إلى الحلم، ومن ضاقت به السماء، فليتجه إلى “فينيسيا”.
هناك، لا تُرفع الجدران، بل تُزرع الأشجار،
ولا يُعلَّق العلم الوطني فوق القصور، بل فوق صدور الناس.
وهناك، لا يُقال “تحيا الزعامة”، بل “تحيا الكرامة”.
إنّ الحياة على الأرض صارت ترفًا مؤقتًا، والإقامة فيها أصبحت تأشيرةً تُجدَّد بالولاء. أما في فينيسيا-٩٠، فالإقامة دائمة… شرط أن تكون إنسانًا.