نادر صدقة.. الأسير السامري الذي قال: “لا قول فوق قول غزة”

“لا قول فوق قول غزة”.. بهذه الكلمات وجّه الأسير المحرر نادر صدقة رسالته الأولى إلى القطاع فور وصوله إلى مصر، بعد الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس”، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل مرحلته الأولى في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
يُعد صدقة حالة فريدة بين الأسرى الفلسطينيين، إذ كان الأسير الوحيد من الطائفة السامرية التي تقطن قمة جبل جرزيم بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة. قبل تحريره، كان يقضي ستة أحكام بالسجن المؤبد في السجون الإسرائيلية، قبل أن يُفرج عنه مع إبعاده إلى مصر ضمن المرحلة الأولى من الصفقة.
وبموجب الاتفاق، أفرجت “حماس” عن 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء وسلمت جثامين أربعة آخرين من أصل 28 تقول إسرائيل إنهم محتجزون في غزة، في حين أفرجت تل أبيب عن 1968 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 250 محكومون بالمؤبد، و1718 من أسرى غزة.
الميلاد والبدايات
وُلد نادر صدقة عام 1977 على سفح جبل جرزيم في نابلس، وتلقى تعليمه في مدارس المدينة. ومع اندلاع الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة) عام 1987، كان من بين الأطفال الذين واجهوا قوات الاحتلال بالحجارة، ليصبح لاحقًا أحد رموز تلك المرحلة في مدينته.
عام 1995، التحق بجامعة النجاح الوطنية حيث درس التاريخ والآثار، وانخرط في العمل الطلابي من خلال جبهة العمل الطلابي التقدمية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبرز كأحد المتحدثين البارزين في النشاطات السياسية داخل الجامعة.
من النضال الطلابي إلى العمل المقاوم
مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ترك صدقة مقاعد الدراسة ليلتحق بـ كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
شارك في عمليات ضد أهداف إسرائيلية، منها عملية تفجير في مدينة “بتاح تكفا” عام 2003، التي قُتل فيها أربعة جنود إسرائيليين، ردًا على اغتيال القادة فادي حنني وجبريل عواد.
وبعد اغتيال القائدين يامن فرج وأمجد مليطات، أصبح صدقة قائد كتائب أبو علي مصطفى في نابلس. وفي 17 أغسطس/آب 2004، اعتقلته قوات الاحتلال خلال عملية عسكرية بمخيم عين بيت الماء، ليُحكم عليه بستة مؤبدات.
يقول صدقة عن نفسه، وفق الموقع الرسمي للجبهة الشعبية: “أنا عربي فلسطيني مناضل من أجل الحرية والحق”.
الطائفة السامرية.. جسر بين الشعوب
تُعد الطائفة السامرية واحدة من أقدم الجماعات الدينية في العالم، ويبلغ عدد أفرادها اليوم نحو 841 شخصًا، يعيش نصفهم تقريبًا على جبل جرزيم بنابلس، والنصف الآخر في مدينة حولون داخل إسرائيل.
يتحدث السامريون العبرية القديمة والعربية، ويعتبرون أنفسهم سلالة بني إسرائيل الحقيقية، ويؤمنون بخمسة أسفار من التوراة الأصلية المكتوبة على جلد غزال قبل أكثر من 3600 عام.
ويرفضون المزاعم اليهودية بالحق في القدس، ويحافظون على علاقات اجتماعية متوازنة مع الفلسطينيين واليهود على حد سواء.
في سياق اتفاق غزة
تأتي صفقة التبادل التي شملته ضمن المرحلة الأولى من اتفاق غزة، الذي أُعلن في 9 أكتوبر/تشرين الأول، إثر مفاوضات غير مباشرة بمدينة شرم الشيخ، بوساطة مصرية وقطرية وتركية ورعاية أميركية.
ونصّ الاتفاق على وقف إطلاق النار، وإطلاق متبادل للأسرى، وانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع، مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية.
وبينما تستعد الأطراف للمرحلة الثانية من الاتفاق، تتمسك “حماس” بإنهاء شامل للحرب وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، رافضة التخلي عن سلاح المقاومة.