أخبار العالمفلسطين

إسبانيا على موعد مع إضراب عام غدًا تضامنًا مع فلسطين ومطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل

تستعد إسبانيا، غدًا الأربعاء، لتنفيذ إضراب عام واسع دعت إليه أبرز النقابات العمالية والطلابية، رفضًا لما وصفته بـ”الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ عامين”، ومطالبةً الحكومة بقطع العلاقات مع إسرائيل وفرض عقوبات شاملة عليها.

ويأتي هذا التحرك في وقتٍ دخل فيه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، غير أن منظمي الإضراب يؤكدون أن تحركاتهم ستستمر “حتى تحقيق العدالة ووقف كافة أشكال التعاون مع إسرائيل”، منتقدين ما وصفوه بـ”تقاعس حكومي” في اتخاذ خطوات عملية لدعم الفلسطينيين.

مطالب الإضراب: من قطع العلاقات إلى تحويل الإنفاق العسكري

وتتلخص أبرز مطالب الإضراب في وقف جميع أشكال التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي مع إسرائيل، وتحويل الإنفاق العسكري المشترك بين مدريد وتل أبيب إلى مجالات اجتماعية كالصحة والتعليم والإسكان، مستشهدين بتجارب تاريخية مشابهة أبرزها حملة المقاطعة الدولية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وقال سانتياغو دي لا إيغليسيا، المتحدث باسم الاتحاد العام للعمال الإسبان، إن الإضراب “ليس رمزيًا، بل خطوة في مسار نقابي طويل لفرض تغيير فعلي في سياسات الحكومة تجاه إسرائيل”، مضيفًا أن المطلب الأساسي هو إنهاء أي شكل من أشكال التطبيع التجاري والعسكري، وفرض إجراءات مشابهة لتلك التي تبناها المجتمع الدولي ضد نظام الفصل العنصري سابقًا.

وأكد لا إيغليسيا أن الإنفاق الإسباني على التسلح والعلاقات التجارية مع إسرائيل يجب أن يُعاد توجيهه لصالح القطاعات الاجتماعية في البلاد، منتقدًا الحكومة التي “اكتفت بدعم رمزي من دون أي حظر حقيقي على تصدير الأسلحة أو محاسبة الشركات المتورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي”، على حد تعبيره.

“تواطؤ حكومي” واتهامات بالازدواجية

أما ألفارو أوبيرا، ممثل حركة التضامن العمالي والناطق الرسمي باسم الإضراب، فقال إن التحرك الحالي يهدف إلى إجبار الحكومة على إنهاء ما سماه “التواطؤ مع دولة تمارس الإبادة الجماعية”، مضيفًا أن القرار الذي أصدرته مدريد مؤخرًا بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل “شكلي ويحتوي على استثناءات واسعة تفرغه من مضمونه”.

ودعا أوبيرا إلى فرض عقوبات دولية صارمة على إسرائيل، والمطالبة بـ”محاكمة مرتكبي جرائم الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية”، مشددًا على أن العدالة لا يمكن أن تتحقق عبر بيانات سياسية أو مواقف رمزية.

وفي السياق ذاته، وصفت كورال كامبوس، الأمينة العامة لـ اتحاد طلاب إسبانيا، الإضراب الطلابي بأنه “رد مباشر على مشاهد القتل والتشريد في غزة”، مضيفة:

“سنجعل الشوارع والفصول ساحة تضامن مع فلسطين، واحتجاجًا على خطة السلام المفروضة التي تُجمّل الاحتلال وتمنحه شرعية دولية.”

وطالبت كامبوس الحكومة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ومنع أي مؤسسة إسبانية من دعم الصناعة العسكرية الإسرائيلية، مؤكدة أن الطلاب سيواصلون تحركاتهم حتى “وقف الإبادة وفرض العقوبات”.

هجوم “أسطول الصمود” يشعل الغضب الشعبي

ويأتي هذا الإضراب في ظل غضب شعبي متصاعد بعد هجوم البحرية الإسرائيلية على “أسطول الصمود” الذي انطلق من ميناء برشلونة الشهر الماضي بمشاركة نحو 50 سفينة تحمل أكثر من ألف ناشط دولي، بهدف كسر الحصار المفروض على غزة.

وقد أدى الهجوم الإسرائيلي في المياه الدولية إلى اعتقال عشرات النشطاء، بينهم إسبان، ما أثار موجة احتجاجات عارمة ضد ما اعتبرته النقابات “تخاذلاً حكوميًا”، إذ اكتفت مدريد –بحسبهم– بطلب الإفراج عن المعتقلين دون اتخاذ موقف دبلوماسي قوي ضد إسرائيل.

وقال لا إيغليسيا إن الاعتداء على الأسطول يشكّل “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”، وطالب الحكومة الإسبانية بـ”تقديم شكاوى رسمية أمام المحاكم الدولية ومجلس الأمن”.

فيما أكدت كامبوس أن تعامل الحكومة مع الحادثة “كشف عن تواطؤ أوروبي واسع في حماية المعتدين أكثر من حماية الضحايا”، معتبرة أن ذلك الهجوم “عزّز الحراك الشعبي وحملات المقاطعة (BDS) في الجامعات الإسبانية”.

موقف الحكومة الإسبانية

رغم أن حكومة بيدرو سانشيز كانت من أوائل الحكومات الأوروبية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية ودعت إلى وقف الإبادة الجماعية في غزة، فإن النقابات ترى أن مواقفها “لم تترجم إلى أفعال حقيقية”.

ويؤكد المتحدث باسم الاتحاد العام للعمال أن مدريد لم تفرض حظرًا فعليًا على تصدير الأسلحة ولم توقف تعاملاتها الاقتصادية مع إسرائيل، معتبرًا أن الاعتراف بفلسطين العام الماضي “كان خطوة رمزية بلا أثر عملي”.

بينما ترى كامبوس أن الحكومة الإسبانية تمارس “سياسات متناقضة”، إذ “تدين الإبادة في غزة لكنها ترسل الشرطة لقمع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين”.

ما بعد وقف إطلاق النار

ويرى منظمو الإضراب أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير خطوة مهمة لكنها “غير كافية لإنهاء العدوان أو ضمان العدالة”، مؤكدين أن التحركات الشعبية والنقابية ستستمر حتى وقف الاحتلال بالكامل ومحاسبة إسرائيل دوليًا.

ويقول أوبيرا إن السلام الحقيقي لا يتحقق إلا عبر العدالة والمساءلة الدولية، محذرًا من أن “أي تهدئة لا تنهي الاحتلال ستفشل قريبًا”.

وتختم كامبوس بالتأكيد على أن “الجهود الدولية لن تنجح دون ضغط شعبي متواصل”، مضيفة أن الإضراب العام في إسبانيا هو “رسالة أوروبية بأن التطبيع مع الإبادة لن يمرّ”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى